[الباب الأول في ذكر من كان يتجر في زمن رسول الله ص ثم من اتجر من كبار الصحابة بعده]
«منهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ذكر ابن عبد البر في الإستيعاب، وابن قتيبة في المعارف من طريق الزهري قال: خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بعام، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة وكان قد شهد بدرا وكان نعيمان على الزاد الخ القصة» .
وفي ترجمته من الإصابة: كان أبو بكر معروفا بالتجارة، ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أربعون ألفا وكان يعتق منها ويعول المسلمين حتى قدم المدينة بخمسة آلاف، وما مات حتى ما ترك دينارا ولا درهما.
أخرج ابن عساكر من أم سلمة قالت: لقد خرج أبو بكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى بصرى، ولم يمنع أبا بكر الضن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشحه على نصيبه منه من الشخوص إلى التجارة، وذلك لاعجابهم بكسب التجارة وحبهم التجارة. ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر من الشخوص في تجارته ومحبته وضنته بأبي بكر، وقد كان بصحابته معجبا لاستحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم التجارة وأعجابه بها.
وقال ابن سعد: لما استخلف أبو بكر: أصبح غاديا إلى السوق على رأسه أثواب يتجر بها. فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فقالا: كيف تصنع هذا؟ وقد وليت أمر المسلمين. قال: فمن أين أطعم عيالي قال: نفرض لك. ففرضوا له كل يوم شطر شاه، قال ابن زكري على البخاري: وكل من شغلته مصالح المسلمين من قاض ومفت ومدرس كذلك اهـ.
«ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الصحيح في قضية استئذان أبي موسى الأشعري على عمر ورجوعه، واستدلاله لرجوعه بما خفي على عمر من الأثر فقال عمر:
أخفى علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهانى الصفق في الأسواق يعني الخروج إلى التجارة» .
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن عمر رضي الله عنه قال: ما جاءني أجلي في مكان ما عدا الجهاد في سبيل الله أحب إلي من أن يأتيني وأنا بين شعبتي رحلي، أطلب من فضل الله وتلا: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [المزمل: ٢٠] .
ومنهم عثمان بن عفان تعاطيه للتجارة معروف في دواوين السلف، وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عبد الله قال: كان عثمان رجلا تاجرا في الجاهلية والإسلام، وكان يدفع