السهيلي والعمري وغيرهم أسماءهم انظر شرح المواهب، وراجع ما سبق في الكلام على الحدود، وفي أحكام القرآن لابن خويز منداد علي آية مسجد الضرار، وتضمنت الآية المنع من الضرر في المساجد، وفي بنيانها كذلك، قال أصحابنا: لا يجوز أن يا بنى مسجد إلى جنب مسجد لئلا يضر بأهل المسجد الأول، ويجب هدمه والمنع من بنائة، إلا أن تكون المحلة كبيرة ولا يكتفي أهلها بمسجد واحد فيا بنى الثاني.
قالوا: ولا جامعان في المصر، ويجب منع الثاني ومن صلى فيه الجمعة لم تجزه، وفي البيان والتحصيل للقاضي أبي الوليد ابن رشد: سئل مالك عن العشرة يكون لهم مسجد يصلون فيه، فيريد رجل أن يا بني قريبا مسجدا أيكون ذلك؟ فقال؛ لا خير في الضرار ولا سيما في المساجد خاصة، فأما مسجد بني لخير وصلاح فلا بأس به. وأما ضرار فلا خير فيه، قال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً لا خير في الضرار في شيء من الأشياء، وإنما القول في الآخر من المسجدين، قال ابن رشد: وهذا كما قال مالك أن من بنى مسجدا قرب آخر ليضرّ به أهل المسجد الأول، ويفرق به جماعتهم، فهو من أعظم الضرر، لأن الأضرار فيما يتعلق بالدين أشد فيما يتعلق بالنفس والمال، لا سيما في المسجد الذي يتخذ للصلاة التي هي عماد الدين، وقد أنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً إلى قوله: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وقوله: إنما القول أبدا في الأخير من المسجدين صحيح، لأنه هو الذي يجب أن ينظر فيه، فإن ثبت على بانيه أنه قصد به الإضرار وتفريق الجماعة لا وجها من أوجه البر، وجب أن يحرق ويهدم، ويترك مطروحا للأزبال، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد الضرار. فإن ثبت أن إقراره مضر بأهل المسجد الأول ولم يثبت على بانيه أنه قصد ذلك، وادعى أنه أراد القربة لم يهدم وترك مصلاه ولا يصلى فيه، إلا أن يحتاج إلى الصلاة فيه بأن يكثر أهل الموضع أو يهدم المسجد الأول.
قلت: وعلى هذه النصوص اعتمدت في الأمر بالإحراق لزاوية بناها مضر يريد تفريق كلمة الفقراء الكتانيين، المجموعة في قبيلة أمزاب بالشاوية فأحرقت، وفقنا الله لصالح الأعمال آمين.
[في الرجل يحسن الشيء من عمل البناء فيوكل لعمله]
«قال أبو بكر بن فتحون في كتابه ذيل الإستيعاب: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قيس بن طلق الحنفي، وهو صلى الله عليه وسلم يا بني مسجده فشهده معه، فوكله صلى الله عليه وسلم بعمل الطين، لأنه رآه محسنا فيه» .
قلت: ترجم في الإصابة لطلق بن علي التميمي فقال حديثه في السنن أنه بنى معهم في المسجد، فقال صلى الله عليه وسلم: قربوا له الطين فإنه أعرف به وكذا ترجمه ابن سعد في الطبقات:
وهذا سياقه عن طلق قال؛ قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يا بني مسجده، والمسلمون يعملون فيه معه، وكنت صاحب علاج وخلط طين، فأخذت المسحاة أخلط الطين ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر