للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب النذور من المدونة: لا يشرك مع الحجبة في الخزانة (بكسر الخاء هي أمانة البيت قاله في التنبيهات) أحد، لأنها ولاية منه صلى الله عليه وسلم، ومالك ولد بعد هشام، وذكر ابن حزم وابن عبد البر جماعة منهم في زمانهم وعاشا إلى بعد نصف المائة الخامسة، وكذا ذكر العلامة القلقشندي (صاحب صبح الأعشى) وعاش إلى ٨٢١. ولا دلالة لزعمهم انقراضهم في إخدام معاوية عبيدا؛ لأن إخدامها غير ولاية فتحها كما هو معلوم، وكثيرا ما يقع في كلام المؤرخين كالأزرقي والفاكهي ذكر الحجبة ثم الخدمة بما يدل على التغاير بينهما اهـ ملخصا.

غريبة في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم، لما أنزل عليه الأمر برد الأمانة إلى أهلها، ناول عثمان الشيبي مفتاح الكعبة وقال له: غيبه، وفي رواية الواقدي عن مشيخته أنه عليه السلام أعطاه المفتاح، ورسول الله مضطبع بثوبه عليه وقال: غيبوه، إن الله رضي لكم بها في الجاهلية والإسلام.

وذكر الفاكهي في اخبار مكة؛ أنه دفعه إليه من وراء الثوب وقال: غيبوه. قال الزهري: فلذلك تغيب المفتاح. قال الحطاب: فلذلك والله أعلم: يرخون البيوت عند فتحه وعند إغلاقه اهـ.

قلت: ورد ذلك من حديث السائب بن يزيد، ومحمد بن جبير بن مطعم وابن سابط خرجه الطبراني في الكبير، وابن عساكر وابن أبي شيبة وغيره- انظر كنز العمال في باب فضائل الكعبة.

وفي خطبته عليه السلام في زمن الفتح: ألا كلّ مأثرة أو ذي مال، فهو تحت قدمي هاتين. إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.

قال ابن باديس: طرح عليه السلام كل مأثرة، وهي المكرمة التي كانت الجاهلية تتكبر بها، وتفاخر وقوله: تحت قدمي أي مطروح ملقى من قول العرب: جعلت هذا الأمر تحت قدمي. أي لم ألتفت إليه، كما لا يلتفت إلى ما وضع تحت الأقدام لهوانه، واستثنى من ذلك السدانة والسقاية، لأن فيها تعظيم حرمات الله من حفظ البيت والقيام عليه، واختصت السدانة ببني شيبة ولاية من النبي صلى الله عليه وسلم لهم عليها، فتبقى دائمة لهم ولذراريهم أبدا، ولا ينازعوا ولا يشاركوا ما داموا موجودين صالحين لها لقوله: لا ينزعها منكم إلا ظالم اهـ.

[السقاية]

«كانت قبل الإسلام لبني عبد المطلب، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم لهم في الإسلام «١» ، حتى قال لهم عليه السلام؛ وقد أتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد


(١) أصل الحديث في مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه في باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ج ١ ص ٨٩٢ رقم الباب ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>