في الجلود المدبوغة من جلود الجواميس والبقر والغنم والوحوش، وكذلك كانوا يكتبون في اللخاف بالخاء المعجمة وهي حجارة بيض رقاق، وفي النحاس والحديد ونحوهما.
وفي عسيب النخل وهي الجريد الذي لا خوص فيه. وفي عظم أكتاف الإبل والغنم، وعلى هذا الأسلوب، كانت العرب لقربهم منهم. واستمر ذلك إلى أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن والعرب على ذلك. وربما كتب النبي صلى الله عليه وسلم بعض مكاتباته في الأدم. وأجمع الصحابة على كتابة القرآن في الرق لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذ إلى زمن الرشيد، فأمر أن لا يكتب الناس إلا في الكاغد اه.
فصل في كتّاب العهود والصلح
«قال أبو عمر: كان الكاتب لعهوده صلى الله عليه وسلم إذا عاهد وصلحه إذا صالح علي بن أبي طالب، وكتب له في قصة الهجرة عامر بن فهيرة عهدا في رقعة من أدم لسراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وفي بعض الروايات إن الذي كتب له أبو بكر» .
[فصل فيمن كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أموره الخصوصية]
ترجم في الإصابة لحصين بن نمير، فنقل عن أبي علي بن مسكويه في كتابه «تجارب الأمم» : الحصين بن نمير في جملة من كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: كذا ذكره العباس بن محمد الأندلسي في التاريخ الذي جمعه للمعتصم بن صمادح. قال: وكان هو والمغيرة بن شعبة يكتبان في حوائجه، وكذا ذكره جماعة من المتأخرين منهم القرطبي المفسر في المولد النبوي، والقطب الحلبي في شرح السيرة، وأشار إلى أن ذلك مأخوذ من كتاب القضاعي الذي صنفه في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أنهما كانا يكتبان المداينات والمعاملات، فلا أدري هل أراد هذا أو الذي قبله؟ وانظر من كان يكتب للمصطفى أموال الصدقات وخرص النخل. وفي المحاضرات للشيخ الأكبر ابن عربي الحاتمي: كان الزبير العوام وجهم بن الصلت يكتبان أموال الصدقات، وكان حذيفة بن اليمان يكتب خرص النخل، وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتب المداينات والمعاملات، وكان شرحبيل بن حسنة يكتب التوقيعات إلى الملوك اهـ ص ٢٩.
نظرة إجمالية في الكتّاب
قال في المواهب: أما كتابه صلى الله عليه وسلم فجمع كثير وجمّ غفير، ذكر بعض المحدثين في تأليف له بديع استوعب فيه جمّا من أخبارهم، ونبذا من سيرهم وآثارهم، وصدّر فيه بالخلفاء الأربعة الكرام خواص حضرته عليه السلام اهـ.
قلت: وممن ألف فيهم القضاعي، ذكر ذلك الحافظ في ترجمة حصين بن نمير من الإصابة. وممن ألف فيهم أيضا عمر بن شبة؛ نقل عنه ابن عبد البر في الاستيعاب. وللإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري «المصباح المضيء