معروف مثل؛ كتابه إلى قيصر، وكسرى، والمقوقس، وغيرهم، وذكر الإمام القاضي علي بن سليمان المرداوي في شرح التجريد؛ أنه نقل إتيانه صلى الله عليه وسلم بأما بعد في خطبه ونحوها خمسة وثلاثون صحابيا اه.
وقال الزرقاني في شرح المواهب: ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: أما بعد في خطبه وشبهها، كما روى ذلك أربعون صحابيا، كما أفاده الرهاوي في أربعينه المتباينة الأسانيد.
وما أدري وجه اقتصار كثيرين على الظرف، ولا يكفي الاعتذار أن المدار عليه أو روما للاختصار، لأن المدار على اتباع ما جاءت به السنة، لا سيما والاطناب مطلوب في الخطب، وكون المدار عليه يحتاج إلى وحي يسفر عنه اه منه [كذا] .
وفي شرح الشيخ أبي العباس أحمد الهشتوكي السوسي على منظومته في أحكام الوزيعة: وقع لأخينا العلامة الدراكة أبي العباس أحمد بن إبراهيم الكتّاني المراكشي مع العلامة الشربيني أحد أئمة الشافعية بمصر، عام حجنا. كان يدرس مع تلاميذه شرح السعد على العقائد النسفية فقال: أصل وبعد: أما بعد. فحذفت كلمة أما، وعوض عنها الواو.
فقال له أبو العباس أحمد المذكور: أين الدليل على أن الواو تعوض عن أما، ولم يقع في كلامه عليه السلام الذي هو أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء فيما رأينا إلا أما بعد. وكذا رسائل أصحابه، وكان الشافعي المذكور ضيّق الصدر، فخاطب أبا العباس المذكور خطابا لا ينبغي أن يصدر من مثله، ولم يجب بشيء غير السب والثلب، ولو أجابه بأن استعمال المحققين من المصنفين ذلك طوالع [مقدمة] تواليفهم يكفي دليلا على جوازه لكان كافيا اه.
قلت: السنة حجة على الجميع، وقد أومأ إلى ذلك الزرقاني، بما سبق عنه من أن المدار على اتباع ما جاءت به، فانظره.
[احتياطه عليه السلام في مكاتيبه الرسمية]
قال الشيخ زروق في حواشيه على الصحيح: إنما قال صلى الله عليه وسلم في كتابه لهرقل: عظيم الروم، ولم يقل ملك الروم. لئلّا يكون تقريرا لملكه اه وقال الخفاجي في شرح الشفا:
وقال صلى الله عليه وسلم عظيم الروم وعظيم القبط، لم يقل ملك الروم ولا ملك القبط؛ لأنه لا يستحق ذلك العنوان إلا من كان مسلما، ومع ذلك فلم يخل يتعظيمهما، تليينا لقلوبهما في أول الدعوة إلى الحق اه.
[باب اتخاذه عليه السلام أما بعد لفصل من فصول الكتاب ورؤوس المسائل]
ترجم البخاري في الأدب المفرد باب: أما بعد، فذكر فيها عن هشام بن عروة قال:
رأيت رسائل من رسائله صلى الله عليه وسلم، كلما انقضت قصة قال: أما بعد اه.