للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ما عليهم، ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يرد عنها، وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه ثيابا، فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله، ومن منع ذلك فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا، صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.

تنبيه هذا المكتوب وأمثاله، هو أصل كتب الظهير للمتولي، يستظهر به لدى من ولّي عليهم ليطيعوا أمره، وكانوا في القديم يعبرون عما يكتب بذلك بالظهائر والصكوك، فالظهائر جمع ظهير، وهو المعين سمي «١» مرسوم الخليفة، أو السلطان ظهيرا لما يقع به من المعاونة لما كتب له، والصكوك جمع صك وهو الكتاب. قال الجوهري: وهو فارسي معرب والجمع: أصك، وصكاك وصكوك، ثم تحامي المتأخرون منهم لفظ الصك لما جرى به عرف العامة من غلبة الإستعمال في أحد معني الإشتراك فيه وهو الصفع، واقتصروا على استعمال لفظ الظهير هـ أنظر ص ٢٢٩ من الجزء العاشر من صبح الأعشى.

[باب في القاضي وفيه فصول]

[فصل في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس]

«في الموطا «٢» عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار، قوله: ألحن بحجته أي افطن لها» .

فائدة- في الشهاب على الشفا ص ٣٠١ من الجزء الرابع عن السيوطي، أنه عليه السلام كان له حكم الباطن كالظاهر، وحكمه في الظاهر كان تارة في القضاء، وتارة بالسياسة والسلطنة، أي الإمارة العظمى، وتارة بالفتوى. كما فصله ابن السبكي في قواعده هـ من الفواكه الجنوية.

وفي الأنموذج: وجمع له بين الشريعة والحقيقة، ولم يجمع للأنبياء عليهم السلام إلا أحدها، بدليل قصة موسى مع الخضر، وقوله: إني على علم لا ينبغي لك أن تعلمه، وأنت على علم لا ينبغي لي أن أعلمه هـ.

قال الروضي في شرحه: المراد بالشريعة والحقيقة الحكم بالظاهر والباطن، وقد اعترض العلامة القسطلاني قول المؤلف: وجمع له بين الشريعة والحقيقة الخ. ما نصه:


(١) كذا في الأصل! قلت: في اصطلاح أهل المغرب يقال: الظهير بمعنى المرسوم في لغة أهل المشرق جمع مراسيم.
(٢) انظره ص ٧١٩ كتاب الأقضية. وقد صححته عن نص الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>