[حجابة البيت وهي العمارة والسدانة فصل في ذكر من وليها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم]
«قال القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية في التفسير: عمارة البيت هي السدانة، وكان يتولاها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وشيبة بن عثمان، وهذان هما اللذان دفع إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، في ثاني يوم الفتح، بعد أن طلبه العباس وعلي، وقال لعثمان وشيبة: يوم وفاء وبر؛ خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم يعني السدانة» .
وفي رواية: خذوها أي سدانة الكعبة خالدة تالدة، قال المحب الطبري: لعل تالدة من التالد وهو المال القديم، أي هي لكم من أول الأمر وآخره. واتباعها لخالدة بمعناها.
ثم قال: لا ينزعها منكم إلا ظالم. وفي رواية لا يظلمكموها إلا كافر، أي كافر نعمة الله العظيم عليه. ويحتمل الحقيقة أي إن استحل. ثم قال: يا عثمان إن الله إستأمنكم على بيته، فكلوا مما يصلكم من هذا البيت بالمعروف، أي بسبب خدمته على سبيل الشرع والبر.
قال المحب الطبري في الباب الثامن والعشرين، من كتاب القرى: ربما تعلق بعض الجهال به في جواز أخذ الأجر على دخول الكعبة، ولا خلاف في تحريمه، وأنه من أشنع البدع. وهذا أي قوله: فكلوا مما يصل، إن صح احتمل أن معناه ما يأخذونه من بيت المال على خدمته، والقيام بمصالحه، ولا يحل لهم إلا قدر ما يستحقونه، وما يقصدون به من البر والصلة على وجه التبرر بهم فلهم أخذه، وفي ذلك أكل بالمعروف اهـ.
وحكى على هذا الزرقاني في شرح المختصر الإجماع. ووجهه: أن أخذ الأجرة إنما يجوز على ما يختص الإنسان بمنفعته، والإنتفاع به، والبيت لا يختص به أحد دون أحد، فلا يجوز لهم أخذ الأجرة على فتحه، وإنما لهم الولاية على فتحه وإغلاقه، في الأوقات التي جرت العادة بفتحه فيها، ولا يجوز لهم إغلاقه ومنع الناس دائما. قاله الشيخ أبو عبد الله الحطاب الرعيني المكي المالكي في شرح المختصر، ثم قال: والظاهر، وإن لم أقف على نص، أن حكم فتح المقام وأخذ الأجرة عليه كذلك، وقال الحطاب في باب النذر من شرح المختصر أيضا: والمحرم إنما هو نزع المفتاح منهم، لا منعهم من إنتهاك حرمة البيت، وما فيه أدب فهذا واجب لا خلاف فيه. لا كما يعتقده الجهلة أنه لا ولاية لأحد عليهم، وأنهم يفعلون في البيت ما شاؤوا. فهذا لا يقوله أحد من المسلمين.
وقال الحطاب أيضا بعد ذكره عدة روايات من قصة تسليم المصطفى لهم المفتاح:
هذه الأخبار كلها دليل على بقاء عقبهم إلى الآن، ولا التفات إلى قول بعض المؤرخين؛ وهو الشريف محمد بن أسعد الحراني النسابة في كتابه «الجوهر المكنون في القبائل والبطون» أن عقبهم إنقطع في خلافة هشام بن عبد الملك، فإنه غلط لقول مالك أي: في