إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره فرده فبكى فأجازه. فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفي من صغري فقتل وهو ابن ست عشرة سنة.
[فصل في عرض الناس كل سنة]
«ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب، عند ذكره سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعرض غلمان الأنصار في كل عام، فمرّ به غلام فأجازه في البعث، وعرض عليه سمرة بن جندب من بعده فرده، قال سمرة: فقلت يا رسول الله، لقد أجزت غلاما، ورددتني ولو صارعته لصرعته، قال: فصارعه فصارعته فصرعته، فأجازني في البعث» .
نحوه في الإصابة نقلا عن ابن إسحاق. وقال الإمام الشافعي: رد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر صحابيا عرضوا عليه، وهم أبناء أربع عشرة سنة، لأنه لم يرهم بلغوا وعرضوا عليه، وهم أبناء خمس عشرة فأجازهم.
قال البرهان: ويحتمل أن يريد ردهم في أحد، ويحتمل مجموع من رده في هذا السن في غزواته وفي كل منهما فائدة، وظاهر الشامي احتمال الأول فإنه عدّ من رده في أحد سبعة عشر ثم أجاز منهم اثنين. وأوصلهم شارح المواهب إلى عشرين. انظر ص ٢٤ من الجزء الثاني، وكان صلى الله عليه وسلم في الاستعراض يقف الناس أمامه صفوفا صفوفا. ففي طبقات ابن سعد في قصة قدوم العباس بن مرداس السّلمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعمائة من قومه على الخيول والقنا والدروع الظاهرة، ليحضروا معه غزو الفتح. قال العباس: فصففنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أبو بكر وعمر، انظر ص ١٥ من ج ٤ من الطبقات.
[باب في رده عليه السلام في الإستعراض من لم يستأذن أبويه]
روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال:
هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي. قال: أذنا لك؟ قال: لا قال إرجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرّهما.
وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية السّلمي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أردت الغزو وجئتك أستشيرك فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: إلزمها، فإن الجنة عند رجلها «١» . انظر السيرة الشامية.
[فصل في العريش يا بنى للرئيس يشرف منه على عسكره]
«كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش، يعني العريش يوم بدر» .
(١) هذا نص رواية الإمام أحمد عن معاوية بن جاهمة السلمي ٣/ ٤٢٩ والإسلامي ٣/ ٥٥٣ والناس يقولون: الجنة تحت أقدام الأمهات أخذا من هذا الحديث. مصححه.