تقدم عن مسند أبي يعلى الموصلي من حديث أبي هريرة وكان لأهل السوق وزان يزن فقال له عليه السلام: زن وارجح، وهو في معجم الطبراني الأوسط أيضا. وأخرجه أحمد في مسنده وفي سنده ابن زياد هو وشيخه ضعيفان. قاله السيوطي في فتاويه. قال الخفاجي في شرح الشفا أقول: انجبر ضعفه بمتابعته اهـ.
ومعنى قوله عليه السلام: له زن أي زن الثمن وأرجحه أي زد عليه حتى ترجح الميزان أي بزيادة الكفة التي فيها الدراهم يقال وزن المعطي واتزن كالآخذ.
وفي تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر لأبي عبد الله العقباني التلمساني؛ روى عن علي رضي الله عنه: أنه مر برجل يزن الزعفران وقد أرجح فقال له:
أتم الوزن بالقسط، ثم أرجح بعد ذلك ما شئت، كأنه أمره بالتسوية ليعتادها ويعمل الواجب، وعن ابن عباس: إنكم معاشر الأعاجم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم؛ المكيال والميزان. وخص الأعاجم لأنهم يجمعون الكيل والوزن جميعا. وكانا مفرقين في الحرمين كان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكيلون اهـ.
وحديث أول الترجمة يدل على أنه عليه السلام كان يتكلم مع كل صاحب حرفة بما يتعلق بحرفته، ويقول له ما يزيده بها اغتباطا، وبادابها وأحكامها أرتباطا، فهو أصل ما ذكره مسند اليمن ومفتيه الوجيه الأهدل في (النفس اليماني) لدى ترجمة شيخه عبد الصمد الجاوي، أنه كان من طريقه إذا وصل إليه الطالب، يسأله عن تفصيل حاله، فإذا عرف ملازمته لخصلة خير أطال له المقال في مدحها، وشرح له من أحكامها وآدابها ليزداد ملازمة لها، ويكون على بصيرة من أمره. قال: ولما وصلت إليه لم يزل يقرر لي آداب الفتوى، وأن المفتي لا ينبغي له أن يقتصر على مجرد السؤال، بل إذا كان له إلمام بالواقعة لاحظها في جوابه، فإن في ذلك مصالح دينية يعرفها الممارس في هذا الشأن.
تتمة تمام الحديث السابق عند الطبراني وأبي يعلى أنه صلى الله عليه وسلم اشترى سراويل باربعة دراهم، وكان للسوق وزان فقال له زن وارجح. وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السراويل فذهبت لأحمل عنه فقال: صاحب الشيء أحق بحمل شيئه إلا أن يكون ضعيفا فيعجز عنه، فيعينه أخوه المسلم. فقلت: يا رسول الله إنك لتلبس السراويل؟ قال: أجل في السفر والحضر، وبالليل والنهار فإني أمرت بالستر، فلا أجد شيئا أستر منه.
والحديث المذكور مستند ابن القيم في الهدى في جزمه بأنه صلى الله عليه وسلم لبس السراويل. ولذا قال الخفاجي في شرح الشفا: منه يعلم أن تخطئة ابن القيم لا وجه لها، وكونه اشتراها ولم يلبسها بعيد جدا، وقد لبسها عثمان وهو محاصر، وكون الثمن أربعة دراهم هو المروي، إلا ما في الأحياء من أنه بثلاثة اهـ وانظر تأليف سيدنا الخال في المسألة وهو مطبوع.