فيه ماء حتى احترقت، ثم أمر بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيها وهو يعرض عليه النصرانية، وهو يأبى ثم أمر به أن يلقى فيها فلما ذهب به بكى: فقيل له إنه قد بكى، فظن أنه فزع، فقال: ردّوه فعرض عليه النصرانية فأبى. فقال: ما أبكاك إذن؟ قال: أبكاني أني قلت في نفسي: الساعة تلقى في هذه القدر فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تلقى في الله، قال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك، قال له عبد الله: وعن جميع أسارى المسلمين؟ قال: وعن جميع أسارى المسلمين. قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه يخلي عني وعن جميع أسارى المسلمين، لا أبالي فدنا منه فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسارى فقدم بهم عمر، فأخبر عمر بخبره فقال عمر: حقّ على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، قام عمر فقبّل رأسه.
هكذا أورد هذه القصة ابن الهندي في مناقب عبد الله بن حذافة المذكور ص ٦٢ ج ٧ من كنز العمال وأوردها الحافظ في ترجمته من الإصابة، وذكر أن البيهقي أخرجها من طريق ضرار بن عمرو عن أبي رافع وأخرج ابن عساكر هذه القصة شاهدا من حديث ابن عباس موصولا وآخر من فوائد هشام بن عثمان، من مرسل الزهري فأنظرهما.
[باب صحابي قال فيه عمر: لا يستطيع أحد أن يقول أنا خير منه]
ترجم النووي في التهذيب سيدنا عويم بن ساعدة الأنصاري الصحابي، فقال: توفي في خلافة عمر، ووقف عمر على قبره، وقال: لا يستطيع أحد أن يقول: أنا خير من صاحب هذا القبر، ما نصبت راية لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وعويم تحت ظلها رضي الله عنه.
[باب صحابي قدم المدينة في خلافة عمر فأمر عمر الناس أن يخرجوا معه للقائه]
أخرج ابن سعد عن رجل من بني عامر، عن خالد له أن سلمان لما قدم على عمر قال للناس: أخرجوا بنا نتلقى سلمان. أورده ابن الهندي في الكنز في ترجمته، من فضائل الصحابة، وهو في طبقات ابن سعد ص ٦١ ج ٤، وهذا يدل على أمر عظيم كانوا يرونه لسلمان رضي الله عنه.
[باب الصحابة الطلس ومن استخلف منهم]
ترجم في درّ السحابة لعبد الله بن الزبير بن العوام؛ فوصفه بأمير المؤمنين وقال عنه:
كان فصيحا ذا لسانة وشجاعة، وكان أطلس لا لحية له، وذكر أبو عمر بن عبد البر، وابن قدامة في الاستبصار، عن الزبير بن بكار أنّ قيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن الزبير وشريحا القاضي لم يكن في وجوهم شعر، ولا شيء من اللحية اهـ ويجمعهم للحفظ هذا البيت.