وقال الشمس ابن الطيب في حواشيه: قيده جماعة بأنه العلم بالشيء الخفي، فلا يقال مثلا: فقهت السماء والأرض. وقيل: الفقه شدة الفهم والفطنة، وقيل: الفقه أنزل من العلم اهـ.
[باب في الأمر بالاعتناء بالسند في نقل السنة]
أسند الديلمي عن علي مرفوعا: إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده. قال السيوطي في تدريب الراوي: وفي الباب أحاديث غير ذلك اهـ.
وقال ابن حجر الهيثمي في شرح المشكاة على حديث الصحيحين وغيرهما: بلغوا عني ولو آية «١» ، ولكون الإسناد يعرف به الموضوع من غيره، كانت معرفته من فروض الكفاية، وقيل: بلغوا عني؛ يحتمل وجهين أحدهما: اتصال السند بنقل الثقة إلى مثله إلى منتهاه، لأن التبليغ من البلوغ. وهو انتهاء الشيء على غايته. والثاني: أداء اللفظ كما سمع من غير تغيير، والمطلوب في الحديث كلا الوجهين، لوقوع بلغوا: مقابلا لقوله: حدثوا عن بني إسرائيل اهـ بنقل من سلطان في المرقاة.
[باب إباحته عليه السلام التحديث بالأخبار الإسرائيلية وعجائب الأمم الماضية]
حديث الصحيحين عن أبي هريرة وابن عمر مشهور وفيه:«حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ، قال ابن رشد في البيان والتحصيل: الظاهر منه أنه عليه السلام أباح التحدث عنهم بما يذكر فيهم من العجائب، وإن لم يأت ذلك بنقل العدل عن العدل، إذا كان من الكلام الحسن الذي لا يدفعه العقل، وأنه ليس تحته حكم فيلزم التثبت في روايته اهـ منه.
وقال العلقمي: أي لا ضيق عليكم في التحديث عنهم؛ لأنهم كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر إلى كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكان النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدنيوية، خشية الفتنة ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار اهـ نقله القاوقجي في الذهب الأبريز، وهو حسن. وقال المناوي في التيسير: أي بلغوا عنهم القصص والمواعظ ونحو ذلك، ولا حرج عليكم في التحديث عنهم ولو بلا سند، لتعذره بطول الأمد، فيكفي غلبة الظن بأنه عنهم اهـ.
وقال السيد جمال الدين كما في القاري على المشكاة: المراد بالتحديث هنا التحديث بالقصص من الآيات العجيبة، وكحكاية عوج بن عنق، وقتل بني إسرائيل أنفسهم، في
(١) انظر صحيح البخاري كتاب الأنبياء باب ٥٠ ص ١٤٥ ج ٤. وبقية الحديث: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.