على قوله: يبارك لكم أي فيه كما عند غيره، قال الحافظ: الذي يظهر أن الحديث محمول على الطعام الذي يشترى، والبركة تتحصل فيه بالكيل لإمتثال أمر الشارع.
فالبركة الحاصلة فيه أما لسلامته من الجزاف، أو للتسمية عليه أو لإمتثال أمر الشارع، وحديث عائشة الآتي المتضمن أنها لما كالت طعامها فني، محمول على أنها كالت الباقي من المخرج للنفقة واختباره واستكثار ما خرج منه، فانتزعت منه البركة قاله ابن المنير اهـ.
[ذكر أسماء الأوزان والأكيال الشرعية المستعملة على عهده عليه السلام]
«قال أبو محمد عبد الحق بن عطية في جواب سئله في سنة ٦١٦ قال أبو عبيد القاسم بن سلام عن بعض شيوخه أن الدراهم كانت على عهده عليه السلام على نوعين السوداء الوافية ووزن الدرهم منها ثمانية دوانق والطبرية وزن الدرهم منها أربعة دوانق قال: وكان الناس يزكون بشطرين من الكبار والصغار. قال أبو العباس العزفي: قال أبو جعفر الداودي: وذكر قول من قال: إن الدرهم لم يكن معلوما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هذا قول فاسد، لم يكن القوم ليجهلوا أصلا من أصول الدين، فلا يعلمون فيه نصّا. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج السعاة، فلا يجوز أن يظن بهم جهل مثل هذا، ولم يأت ما قاله من طريق صحيح.
وقال أبو عمر بن عبد البر وعياض؛ لا يجوز أن تكون الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزون ثم يوجب الزكاة عليها وهي لا يعلم مبلغ وزنها، وتقع بها البيوعات والأنكحة، وهذا يبين أن قول من قال: إن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك، حتى جمعها برأي الفقهاء وهم، وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام، وعلى صفات لا تختلف، وإنما كانت مجموعات من ضرب فارس والروم وصغار وكبار أو قطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة ويمنية ومغربية وبعد ذلك في أيام عبد الملك كرهوا الضرب الجاري من ضرب الروم فردوها إلى ضرب الإسلام» .
قال النووي في شرح المهذب: الصحيح الذي يتعين اعتماده واعتقاده أن الدراهم المطلقة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معروفة الوزن معلومة المقدار، وهي السابقة إلى الأفهام وبها تتعلق الزكاة وغيرها من الحقوق والمقادير الشرعية، ولا يمنع من هذا كونه كان هناك دراهم أخر أقل أو أكثر من هذا المقدار، فإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الدراهم محمول على