للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في فتوى له: قال الحافظ السيوطي في الدرر المنثورة: وقد بسطت كلام العلائي وابن حجر في التعقبات الذي لي على الموضوعات اهـ ومصداقه ما ظهر على سيدنا على من العلم الواسع، الذي خضعت له به الرقاب، ودانت له الفلاسفة والحكماء، من كل أمة وملة، وقد سبق عن القرافي أنه: جلس ابن عباس يتكلم في الباء من بسم الله من العشاء إلى أن طلع الفجر، وقال ابن المسيب: ما كان أحد يقول: سلوني غير علي. وقال ابن عباس:

أعطي علي تسعة أعشار العلم ووالله لقد شاركهم في العشر الباقي. قال: وإذا ثبت الشيء عن علي لم نعدل إلى غيره، وسؤال كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله في المواطن والمعضلات مشهور، وناهيك أن انتهاء طرق علوم القوم وسلاسلهم إليه، فلست ترى من طريقة في الإسلام إلا وانتهاؤها إليه، ومنتهى سندها عنه رضي الله عنه، تصديقا لكونه باب مدينة العلم.

وقد قال الشيخ مصطفى البكري في كتاب تشييد المكانة لمن حفظ الأمانة: أن عليا رضي الله عنه لما استقر له الأمر، نشر أعلام الحقائق، وكشف أسرار الدقائق، وأخذ عنه ولداه الحسن والحسين، وكميل بن زياد، والحسن البصري طريق الذكر والتلقين، وتفرعت عنه سائر الطرق حتى النقشبندية، فإن لهم سلسلتين تتصل إحداهما بسلمان والثانية بعلي، وتكلم في جفره على سر القدر، لكن برموز اصطلح عليها، فكان هو الباب الذي انفتح لقلوب العارفين، حتى دخلوا منه، وظهر عنهم ما ظهر، وتحقق العالمون بما كشف لهم من السر المصون لكنه أوصى بنيه بكتم ما أسره لهم، حفظا للأسرار عن أهل الإنكار، ولما سأله كميل بن زياد عن الحقيقة فأجابه فقال: أريد أوضح من هذا فأجابه، ثم طلب الزيادة فزاده، ثم قال: طلع الفجر فأطف المصباح، أي طلع فجر البيان عما سألته، فاطفأ السراج السؤال فقد اتضح لك وحققته اهـ.

وفي حواشي الدر الثمين، للقاضي ابن الحاج عقب ما سبق عنه، في أن واضع علم التصوف سيدنا علي كرم الله وجهه، وقال فيه بعض الشيوخ، إنه أعطي العلم اللدني، ولا تصح النسبة إلى الولاية التي هي منبع الولاية الحقيقية، والمعارف الإلهية إلا من جهته، وحقيقته، فهو إمام الأولياء المحمدييين كلهم، وأصلهم ومنشأ انتسابهم إلى الحضرة المحمدية، ومظهر الولاية الأحمدية، وهو أرفع عارف في الدنيا بما خصه صلى الله عليه وسلم بقوله: أنا دار الحكمة وعلي بابها، ونحوه له في الأزهار الطيبة النشر، وزاد وعنه أخذ الحسن البصري قال: فإن قلت مرجع الطرق الصوفية الموجودة الآن إلى أربعين طريقا حسبما في الرحلة العياشية، عن الشيخ حسن العجيمي، وجلّها إنما ينتهي للحسن البصري، أجيب بأن الحسن البصري رأى عليا على ما صححه السيوطي وغيره، وحينئذ فلا مانع من أخذه عنه كما يقوله الصوفية، لأن أخذ العلم وتلقيه من الشيخ باللسان، غير مشترط في هذه الطريقة، وإنما المقصود أن يحصل على سبيل الهمة، والحال هداية المريد، وإشراق الأنوار في قلبه اهـ الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>