وترجم الحافظ أيضا فيها أكثم بن صيفي التميمي الحكيم المشهور ورد على ابن عبد البر إنكاره ذكره وذكر من خرّج أن قوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء: ٩٩] ومكاتبة المصطفى له ونقل عن الخطيب فيه: كانت له حكمة وبلاغة، وفي ترجمة الحكم بن سعيد بن العاص من الإصابة نقلا عن السراج في مسنده: كان الحكم يعلم الحكمة.
وانظر في الإصابة أيضا ترجمة حكيم العرب غيلان بن سلمة الثقفي.
وفي ابن التلمساني على الشفا هو ممن وفد على كسرى، وخبره معه عجيب. قال له كسرى يوما: أي ولدك أحب إليك؟ فقال له غيلان: الصغير حتى يكبر والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يؤوب [يقدم] فقال له كسرى: مالك ولهذا الكلام، وهذا كلام الحكماء وأنت من قوم جفاة لا حكمه بينهم، فما غذاؤك قال: خبز البر. قال: هذا العقل من البر، لا من اللبن والتمر، وكان شاعرا أسلم يوم الطائف، وتوفي في خلافة عمر رضي الله عنهم.
وفي نور النبراس للحافظ برهان الدين الحلبي عن تخريج الخطيب رفعه: يقدم عليكم الليلة رجل حكيم، فقدم عمرو بن العاص. وهو في مسند أحمد اهـ.
وذكر أبو نعيم في كتاب معوفة الصحابة، وأبو موسى المديني من حديث أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني قال: حدثني علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي قال: حدثني أبي عن جدي قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجب ما رأى من سمتنا وزيّنا فقال: من أنتم قلنا: مؤمنون، فتبسم النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟ قلنا: خمس عشرة خصلة؛ خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئا، فقال لهم صلى الله عليه وسلم ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟ فذكروا له قواعد الإيمان والإسلام. قال: فما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضى عن القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء. فقال صلى الله عليه وسلم: حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء، ثم قال: وأنا أزيدكم خمسا فتتم لكم عشرون خصلة: إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غدا زائلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون، وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون، وفيه تخالدون فانصرفوا وقد حافظوا وصيته، وعملوا بها.
وقال العراقي في المغني: أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الزهد، والخطيب في التاريخ، من حديث سويد بن الحارث بإسناد ضيعف اهـ.
وفي مشيخة الأنصاري فقال عليه السلام: أدباء حكماء علماء كادوا من صدقهم أن يكونوا أنبياء.