في مسند الفردوس، من حديث شدّاد بن أوس. وزاد: أبوذر أزهد أمتي وأصدقها، وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها، ومعاوية بن أبي سفيان أحكم أمتي. وقد ذكر هذا الحديث أبو عمر بن عبد البر؛ في الاستيعاب من طرق مسندا ومرسلا وقال: روينا عن عمر من وجوه أنه قال: أقضانا علي، وأقرؤنا أبي اهـ.
قال السيوطي عقبه في تاريخ الخلفاء: وقد سئل شيخنا الكافيجي عن هذه التفصيلات: هل تنافي تفضيل أبي بكر فأجاب بأنه لا منافاة اهـ.
وقال الشافعي، كما في جمع الجوامع وشرحه للمحلي: أن الخبرين المتعارضين في مسألة الفرائض يرّجح منهما الموافق لزيد فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي، والمتعارضين في مسألة في غير الفرائض يرجح منهما الموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي، قال المحلي: وذكر الموافق للثلاثة على هذا الترتيب لترتيبهم، كذلك المأخوذ من الحديث السابق، فقول الصادق عليه السلام فيه: أفرضكم زيد على عمومه، وقوله أعلمكم بالحلال والحرام معاذ، يعني في غير الفرائض، وكذا قوله: أقضاكم علي يعني في غير الفرائض، واللفظ. في معاذ أصرح منه في علي، فقدم عليه في الفرائض وغيرها اهـ.
قال العطار في حواشيه: توضيح ما ذكره أن الحلال والحرام علم، وعلم القضاء المستفاد من قوله: أقضاكم علي عام، والفرائض المستفاد من قوله أفرضكم خاص، والخاص مقدم على العام فيخص العام به، جمعا بين الدليلين. وقوله: أصرح منه يعني أن الحلال والحرام عام مصرح به، وعلم القضاء، غير مصرح به، بل مستفاد من قوله:
أقضاكم علي. كما أوضح ذلك الناصر اهـ.
وعن ابن عباس قال خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية وقال: أيها الناس من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت إلى أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني واليا قاسما. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سليمان بن داود بن الحصين لم أر من ذكره قاله النور الهيثمي في مجمع الزوائد.
قلت: وفي مرآة المحاسن، عن والد مؤلفها الشيخ أبي المحاسن، في وجه ذكر كل واحد من الخلفاء بوصف خاص، كما في حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها أن هذا كالطبائع الأربع، وإنما يحكم على الإنسان بالغالب، وعليه الخلفاء لم يخل أحد منهم بما يحكم به على الآخر اهـ.
وفي المقتصر على المختصر للباجي على حديث: أقرؤكم أبي، وأفرضكم زيد، ليس في هذا الحديث ما يوجب كونه فوق الخلفاء الراشدين، وفوق أجلاء الصحابة فيما ذكروا به، وإنما المعنى أن من جلّت رتبته في معنى من المعاني، جاز أن يقال: إنه أفضل الناس