قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته، ونظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سييء وأن يذكر أيضا ما خرّجه الآجري في أربعينه، عن عبد الرحمن بن خديج بن ساعدة رفعه: إن الله إختارني واختار لي أصحابي فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
وفي أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب للحافظ السيوطي أيضا: وأيد عليه السلام بأربعة وزراء جبريل وميكائيل وأبي بكر وعمر، وأعطي من أصحابه أربعة عشر نجباء، وكل نبي أعطي سبعة اهـ قال البدر الروضي في شرحه عليه قلت: قد جاء بيان هذه الأربعة عشر في الحديث من طرق مع إختلاف الأسماء فمنها ما جاء: لم يكن نبي قط إلا أعطي سبعة نجباء ووزراء رفقاء، وأعطيت أربعة عشر: حمزة وجعفر وأبا بكر وعمر وعليا والحسن والحسين وعبد الله بن مسعود وسلمان وعمار بن ياسر وحذيفة وأبا ذر وبلالا ومصعبا اهـ.
وفي سيرة ابن فارس: وأما رفقاؤه النجباء فعلي وابناه وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وأبو ذر والمقداد وسلمان وحذيفة وابن مسعود وعمار بن ياسر وبلال.
وفي الاستيعاب ورد عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن نبي إلا أعطي سبعة نجباء وزراء ورفقاء، وإني أعطيت أربعة عشر فذكرهم بأسمائهم لكنه مرة قدّم بعضهم ومرة أخر. والمقصود التسمية والعدد.
وبذلك كله تعلم ما في قول أبي عبد الله اكنسوس في الجيش لما جاء الإسلام، وصار الملك خلافه، وذهب رسم الملك، وذهبت تلك الخطط اللازمة بذهابه، وبقيت المعاونة بالرأي والمفاوضة بالمصالح المستجلبة، والمفاسد المستدفعة، فلم يمكن زوال هذا. إذ هو أمر طبيعي لا بد منه، فكان صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه، ويفاوضهم في المهمات العامة والخاصة، ويخص أبا بكر بخصوصيات أخرى، حتى كان بعض العرب الذين عرفوا دول العجم قبل الإسلام كسرى وقيصر والنجاشي؛ يسمون أبا بكر وزير النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك كان عمر مع أبي بكر، وعلي وعثمان مع عمر، ولم تكن العرب تعرف لفظ الوزير في هذه المرتبة، وإنما علمها منهم من خالط العجم، هذا حاصل ما ذكره ابن خالدون اهـ وتعلم أيضا ما في نقل القلقشندي في صبح الأعشي عن القضاعي وغيره: أن أول من لقب بالوزارة في الإسلام أبو سلمة حفص بن سليمان الخلالّ وزير أبي العباس السفاح، أول خلفاء بني العباس، ولم يكن ذلك قبله. ثم جرى الأمر على ذلك في إتخاذ الخلفاء والملوك الوزراء اهـ سيما وإستعمال الوزير وقع في القرآن حكاية عن الأنبياء قبل. فعن موسى عليه السلام:
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي [طه: ٢٩] وقال تعالى: وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً [الفرقان: ٣٥] فتأمل ذلك.