بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب ذكر فيه ما وهب رسول الله للداريين، إذا أعطاه الله الأرض وهب لهم بيت عيون وحبرون والمرطوم، وبيت إبراهيم ومن فيهم إلى الأبد شهد عباس بن عبد المطلب، وخزيمة بن قيس، وشرحبيل بن حسنة. وكتب قال ثم دخل بالكتاب إلى منزله، فعالج في زاوية الرقعة، وغشه بشيء لا يعرف وعقده من خارج الرقعة بسير أو عقدتين وخرج به إلينا مطويا وهو يقول: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: ٦٨] ثم قال: انصرفوا حتى تسمعوا بأني قد هاجرت، قال أبو هند انصرفنا، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قدمنا عليه فسألناه أن يجدد لنا كتابا، فكتب لنا كتابا نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى محمد رسول الله لتميم الداري وأصحابه، إني أعطيتكم عينون وجيرون والرطومة، وبيت إبراهيم برمته، وجميع ما فيه عطية بت وسلمت ذلك لهم، ولأعقابهم من بعدهم، أبد الأبد فمن آذاهم فيها آذاه الله. شهد أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان «١» .
وقد تعرض بعض الولاة لآل تميم وأراد انتزاع الأرض منهم ورفع أمرهم إلى القاضي أبي حاتم الهروي الحنفي قاضي القدس الشريف فاحتج الداريون بالكتاب فقال القاضي هذا الكتاب ليس بلازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع تميما ما لم يملك فاستفتى الوالي الفقهاء وكان أبو حامد الغزالي رحمه الله حينئذ ببيت المقدس قبل استيلاء الفرنج عليه فقال: هذا القاضي كافر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زويت لي الأرض كلها، وكان يقطع في الجنة فيقول: قصر كذا لفلان، فوعده صلى الله عليه وسلم صدق، وعطاؤه حق. فخزي القاضي والوالي وبقي آل تميم على ما بأيديهم وكانت هذه الحادثة لما كان القاضي أبو بكر بن العربي بالشام اه.
ولا زالت ذرية الداريين هؤلاء بالقدس وجهاته وهم إلى الآن أهل علم وفضل، وممن لقيته منهم ببلد الخليل لما زرته عام ١٣٢٤ في رحلتنا الحجازية الشامية خطيب الحرم الخليلي الشيخ عبد الحي بن الخطيب الحاج عبد الفتاح التميمي الداري، وكان عالم الخليل قريبا من ذلك التاريخ ومفتيه الشيخ خليل الداري الأزهري من مشاهير ذلك العصر في الجهات الفلسطينية.
(١) أطال المؤلف رحمه الله في هذا الموضوع جدا أكثر من عشر صفحات، وإن دل ذلك على شيء فعلى سعة اطلاعه ووفور علمه، ولكن لا حاجة أبدا للإطالة في مثل هذا الباب لذلك حذفت ما رأيت حذفه لازما وانظر كتاب الوثائق السياسية ص ١٣٠ ونص الكتاب التالي: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد رسول الله لتميم بن أوس الداري. أن له قرية حبرون وبيت عينون قريتهما كلهما، وسهلهما وجيلهما وماءهما وحرثهما وأنباطهما وبقرهما ولعقبه من بعده، لا يحاقّه فيهما أحد، ولا يلجهما عليهم أحد بظلم فمن ظلم وأخذ منهم شيئا فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ...