للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشعرهم الخلفاء الأربعة، وكان أشعر الخلفاء الصديق وقد رأيت شيخ مشايخنا السيد مصطفى البكري الصديقي، جمع لجده الصديق من كلامه ديوانا تعجز عن تقريظه أفواه المحابر، والسنة الأقلام رتبه على حروف المعجم، وكان ابنته عائشة أشعر من الخنساء، وكانت تروي من كلام الشعراء ما لا يحفظه الرجال، فضلا عن النساء. ولا يخفى أن من شعراء الصحابة حسان بن ثابت، الذي كان إذا مد لسانه بلغ انفه وكان يحلف بالله أنه لو أمره على شعر [لحلقه] . أو على صخر لخرقه، ومنهم النابغة الجعدي، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والزبرقان، والعباس بن مرداس، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن رواحة، وضرار بن الخطاب، والعباس عمه عليه السلام، وابنه عبد الله بن عباس، ولبيد، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبوه أبو سفيان، والمغيرة بن شعبة وغيرهم.

وكان يحث حسان على إنشاء الشعر وهجو المشركين ويقول: إنه أنكى [بهم] من وقع الحسام، وكان يستنشد أصحابه الأشعار. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حقن بالشعر دم كعب بن زهير بعد الإهدار، وأنه أجاز حسان بسيرين القبطية جاريته اهـ.

قلت: الشعراء من الصحابة الذين مدحوه صلى الله عليه وسلم، بين رجال ونساء جمعهم الحافظ فتح الدين محمد بن محمد الأندلسي، المعروف بابن سيد الناس، المتوفى عام ٧٣٤ في قصيدة ميمية ثم شرحها في مجلد سماه منح المدح أو فتح المدح، ورتبهم على حروف المعجم قارب بهم المائتين «١» ، ولعصرينا الأديب أبي الحسن علي بن شاكر الموستاري، المعروف بجابي زاده نزيل الآستانة «٢» كتاب نفيس سماه: حسن الصحابة في شرح أشعار الصحابة، طبع الجزء الأول منه في ص ٣٦٢ رتبه على القوافي يترجم الصحابي ويذكر أشعاره في التوحيد، والثناء على الله، ومدح المصطفى عليه السلام، وبيان معجزاته ونحو ذلك أثبت فيه لأكثر من مائتي صحابي، ما بين بيت مفرد وقصيد. ثم شرح مفردات الجميع.

وأما ما مدح به عليه السلام من شعراء أمته بعد الصحابة فشيء يجل عن الحصر، ولو جمع له الناس في كل بلد أو مصر، إذ قلّ أن يجمع مسلم ديوانا إلا وصدّره أو كل حرف منه بالإمداح النبوية، وفي الرحلة العياشية أن صاحبها وقف في مكة على السفر السابع من كتاب منتهي السول في مدح الرسول، كتب سنة ٦٧٣ قال أبو سالم: هذا التأليف لم يقصد به جامعة جمع كلامه أو كلام مخصوص، بل ما انتهى إليه علمه من الإمداح النبوية، وما شاكلها والله أعلم كم بقي لتمام الكتاب اهـ وفي عصرنا هذا جمع صديقنا نادرة العصر وحسّانه الشيخ أبو المحاسن [يوسف بن إسماعيل] النبهاني الشامي مجموعة في الامداح


(١) طبع الكتاب بعد تحقيقه من قبل: عفت وصال حمزة وصدر عن دار الفكر بدمشق ١٩٨٧.
(٢) الآستانة هو اسم من الأسماء التي تطلق على استنابول عاصمة الدولة العثمانية كما يطلق عليها دار السعادة واسمها قبل الإسلام: القسطنطينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>