في الحديث جواز تولية المولى وتولية الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل اهـ.
وقد رأيت لبعض المعتنين من أصحابنا بفاس رسالة في بعض من ورد تقديمه في الأمور الشرعية، قبل الإبّان الذي الشأن فيه أن لا توجد فيه الأهلية، وذكر فيه ما جاء في ترجمة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وعلي، وابن عباس، وزيد بن حارثة، وابنه أسامة، وعتاب بن أسيد، ومعاذ بن جبل، وكعب بن سور، وباذان بن ساسان وابنه شهر، وعمرو بن حزم، وعبد الله بن عامر بن كريز، وزيد بن ثابت، وقيس بن سعد بن عبادة، وزيد بن قنفذ بن زيد بن جدعان. وغالب اعتماده في تراجمهم على الأسد والإصابة فقف عليه.
وهاهنا غريبة: في تاريخ مصر لابن أبي إياس الحنفي المصري ص ٣٠٦ من الجزء الثاني: وفيها من الحوادث أن الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز عهد للشيخ جلال الدين السيوطي بوظيفة لم يسمع بها قط وهو أنه جعله على القضاة قاضيا كبيرا يولي منهم من يشاء ويعزل منهم من يشاء مطلقا في سائر ممالك الإسلام، وهذه الوظيفة لم يلها قط سوى القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز في دولة بني أيوب، فلما بلغ القضاة ذلك شق عليهم واستخفوا عقل الخليفة في ذلك. وقالوا: ليس للخليفة مع وجود السلطان حل ولا ربط، ولا ولاية ولا عزل، ولكن الخليفة استخف بالسلطان لكونه صغيرا، فلما قامت الدائرة والألسنة على الخليفة رجع عن ذلك، وبعث أخذ العهد الذي كان كتبه لجلال الدين السيوطي، وكادت أن تكون فتنة كبيرة بسبب ذلك. ووقعت أمور يطول شرحها. ثم سكن الحال بعد مدة اهـ.
وفي قوله: لم يسمع بمثلها قط نظر؛ ففي تاريخ الخلفاء للحافظ السيوطي: كان الخلفاء يولون القاضي المقيم ببلدهم القضاء لجميع الأقاليم، والبلاد التي تحت ملكهم، ثم يستنيب القاضي من تحت أمره من شاء في كل إقليم، وفي كل بلد، ولهذا كان يلقب بقاضي القضاة، ولا يلقب به إلا من هو بهذه الصفة، ومن عداه بالقاضي فقط، أو قاضي بلد كذا اهـ.
ومن خط ابن الطيب القادري نقلت، وفي ترجمة أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من طبقات الحنفية للحافظ قاسم بن قطلوبغا ص ٦٥: أنه ولي القضاء لثلاثة من الخلفاء:
المهدي، والهادي، والرشيد، وكان إليه توليه القضاء بالمشرق والمغرب، وأنه أول من خوطب بقاضي القضاة، وذلك كله في خلافة الرشيد اهـ وعبارة غيره في حق أبي يوسف:
وهو أوّل من دعي في الإسلام بقاضي القضاة. وكان أيضا يقال له: قاضي قضاة الدنيا؛ لأنه كان يستنيب في سائر الأقاليم، التي يحكم بها الخليفة، وفي منظومة الشيخ عبد الغني النابلسي في الشطرنج:
ولا بأس بالشطرنج وهو رواية ... عن الحبر قاضي الشرق والغرب تؤثر