وفي أزهار الرياض للإمام أبي العباس المقري، نقلا عن خط أبي زيد عبد الرحمن الغرناطي؛ على هامش الشفا عند ذكر عياض أنه عليه السلام قال وهو بموضع: نعم موضع الحمام هذا. ما نصه: هو داخل في معرفته صلى الله عليه وسلم بالهندسة والبناء، ذكره أبو نعيم في رياضة المتعلمين. ورواه عن أبي رافع قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع فقال: نعم: الحديث قال: فبني فيه الحمام اهـ.
وقال الخفاجي في نسيم الرياض على هذا المحل: فيه الأخبار بحال البناء ومهابّ الأهوية اهـ وسيأتي في باب المنادي: عن سنن أبي داود «١» أن النبي صلى الله عليه وسلم: بعث أن ينادى في معسكره: أنّ من ضيّق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له، وذلك لما ضيق الناس المنازل وقطعوا الطرق. فيؤخذ منه أنه عليه السلام كان يحب النظام حتى في نصب الأخبية في السفر، فكيف لا يحب ذلك في محل الأستيطان والبناء المشيد؟ قال شارح السنن: فيه أنه لا يجوز لأحد تضييق الطريق التي يمر منها الناس، ونفي جهاد من فعل ذلك على طريق المبالغة في الزجر والتنفير، وكذلك لا يجوز تضييق المنازل لما في ذلك من الأضرار اهـ.
وفي سيرة عمر أنه لما أذن ببناء البصرة والكوفة؛ خطوا الشوارع على عرض عشرين ذراعا، وطول أربعين ذراعا، والأزقة تسعة أذرع، والقطائع ستين ذراعا. وبنوا المسجد الجامع بالوسط بحيث تتفرع الشوارع، وذلك بأمر عمر رضي الله عنه، وهذا يدل على نفاق سوق الهندسة حتى في البناء في الزمن الأول سفرا وحضرا وتخطيطا، وفي سيرة عمر أيضا: أنه لما جاء الشام سنة ١٧ رتب الشواتي والصوائف؛ أي الجنود التي تغزو في الصيف والجنود التي تغزو في الشياء، وسد فروج الشام ومساكنها وهي: النقط العسكرية وخطوط الدفاع.
وفي فتوح البلدان: أن معاوية كتب إلى عمر بعد موت أخيه يزيد يصف له سوء حال الشام، فكتب إليه في حرمة حصونها وترتيب المقاتلة فيها، وإقامة الحرس على مناظيرها، واتخاذ المواقيد لها (والمناظير قباب مبنية على رؤوس الجبال العالية، وبين كل بلد وآخر بحيث يتقارب بعضها، ويشرف بعضها على بعض، ويقام فيها حراس يوقدون النيران عند ما يرون إقبال العدو من جهتهم، فيوقد حراس المناظير الذين يلونهم كذلك، وهكذا حتى يصل الخبر إلى المدينة، أو الثغر أو المسلحة في زمن قليل، فيسرعون لإمداد الجهة التي أقبل منها العدو، وهذا كذلك يدل على نفاق أسواق الهندسة في البناآت الحربية، والمراكز العسكرية) .
وفي فتوح البلدان أيضا: أن عمر كان يشترط على أهل الذمة إصلاح الجسور والطرق.