رسم عليه اسم قيصر وصورته، ولعله أحد القياصر المعاصرين لأول الإسلام، وفي فتاوي الشهاب الفقيه أحمد بن حجر الهيثمي جماعة ذكروا جواز حمل الدنانير التي تجلب من أرض الأفرنج، وعليها صورة حيوان حقيقة يقينا، واستدلوا على ذلك بأنها كانت تجلب من عندهم في زمن السلف، ولم ينهوا عن حملها في العمامة وغيرها لأن القصد منها النقد، لا تلك الصور ولتعذر إزالتها أو تعسره.
فإذا جاز هذا في تلك الدنانير فجواز الكتابة في الورق الإفرنجي أولى، وإن تحقق أنه فيه صورة حيوان اهـ.
وفي فتاوي الشهاب أحمد الرملي الشافعي المصري أنه سئل عن دنانير عليها صورة حيوان تامة، أيحرم حملها كحرمة الثياب المصورة؟ فأجاب بأنه لا يحرم حملها فقد قال ابن العراقي: عندي أن الدراهم الرومية التي عليها الصور من القسم الذي لا ينكر لإمتهانها بالإنفاق والمعاملة، وقد كان السلف يتعاملون بها من غير نكير، فلم تحدث الدراهم الإسلامية إلا في زمن عبد الملك بن مروان كما هو معروف اهـ منها.
تنبيه: سبق أنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكة ولا زمن أبي بكر ولا عمر، والمعروف أن أول من ضرب السكة عبد الملك بن مروان، قال ابن سعد في الطبقات:
حدثنا محمد بن عمر الواقدي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: ضرب عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم سنة خمسة وسبعين، وهو أول من أحدث ضربها ونقش عليها، وفي أوائل العسكري: أنه نقش عليها اسمه، وأخرج ابن عساكر عن المغيرة: أول من ضرب الدراهم الزيوف عبيد الله بن زياد، ونقله السيوطي في أوائله والشامي في سيرته.
وربما يعكر عليه وعلى ما سبق من أن الدراهم في الزمن النبوي لم تكن من ضرب أهل الإسلام ما وقع في سنن أبي داود. وابن ماجه من حديث علقمة بن عبد الله عن أبيه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس بوّب عليه ابن ماجه بقوله: باب النهي عن كسر الدراهم والدنانير، وأبو داود بقوله: باب كسر الدراهم.
وأخرجه أيضا أحمد والحاكم في المستدرك.
قال الحافظ الشوكاني في نيل الأوطار: قوله سكة بكسر السين المهملة أي الدراهم المضروبة على سكة الحديد المنقوشة التي تطبع عليها الدراهم والدنانير، وقوله الجائزة بينهم يعني: النافقة في معاملتهم، وقوله: إلا من بأس، كأن تكون زيوفا وفي معنى كسر الدراهم كسر الدنانير والفلوس التي عليها سكة الإمام، لا سيما إذا كان التعامل بذلك جاريا بين المسلمين كثيرا اهـ.