الموضوعة في أخبار سلاطين العرب، أن عمر بن الخطاب ضرب سكة في عام ١٨ على النقش الكبير، وكتب على بعضها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعلى بعضها لا إله إلا الله، واسم عمر. ثم قال: إلا أنه ثبت نقلا أن حضرة عمر لم يضرب سكة باسمه والرواية المذكورة يحتمل أن تكون غلطا حصل من السكة التي ضربها أحد الأتراك بطبرستان، المسمى عمر على المنوال السابق، فالظاهر أن تاريخها المكتوب بالخط البهلوي لم يتمكنوا من قراءته، وأسندت إلى حضرة عمر عند ما قرىء اسم عمر. وكذلك السكة المنسوبة إل عبد الله بن الزبير، لم يطلع عليها أحد من أهل العلم.
ومن المسلم عند أهل العلم أن الذي أحدث ابتداء ضرب السكة العربية هو الحجاج. ولكن ظهر خلاف ذلك عند وجود الكشف الجديد في هذا الفن سنة ١٢٧٦، وذلك أن رجلا إيرانيا اسمه جواد أتى إلى دار السعادة بسكة فضية عربية، ضربت في البصرة سنة أربعين هجرية، وأنا الفقير رأيتها بين المسكوكات القديمة الإسلامية، عند صبحي باشا أفندي، مكتوب على أحد وجهيها بالخط الكوفي: اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وفي دورتها محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله، ولو كره المشركون. وعلى الوجه الآخر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفي دورتها: ضرب هذا الدرهم بالبصرة سنة أربعين. ونقل عن بعض المؤرخين أنه ضرب على السكة صورة معاوية وخالد بن الوليد مقلدين سيفهما، وتابعهما واصف أفندي فأدرج ذلك في تاريخه، ولكن هذه الرواية المذكورة لم يصل نقلها إلى درجة الثبوت والصحة، ولكن أنا الفقير رأيت على وجه الترتيب، جميع المسكوكات الأموية المخلفة التي ضربت عندهم، في دور الضرب من الذهب والفضة، في كل سنة على الترتيب السابق؛ من سنة ٧٢ إلى تاريخ انقراض دولتهم سنة مائة واثنين وثلاثين هجرية، فلم يكن على أحدها اسم الخليفة اهـ راجع مقدمة التاريخ المذكور ص ٢٧٤.
ووقع في رسالة لصديقنا الكاتب الكبير الأصيل السيد توفيق البكري الصديقي المصري، في الموافقة بين الأعراف الأوروبية والأعراف العربية منقولة في شرح كتابه:
صهاريج اللؤلؤ ص ٢٩٠ أن عمر بن الخطاب كان يستعمل الورق والجلود، مكان النقود للحاجة وأنشد لأبي تمام:
لم ينتدب عمر للإبل يجعل من ... جلودها النقد حين عزه الذهب
وبمكتبتنا في قسم النقود دراهم مكتوبة بالكوفي عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي آخر الكتابة إسم علي، يقطع الناظر المتأمل فيها، وفي كتابتها ونقشها القديم إنها لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.