للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصنفه عن كعب أن أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه السلام، وذكر في آخرها أثرا يرمي إلى قطع المسكوكات النقدية وهو قوله: أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: قرض الدرهم والدينار من الفساد في الأرض اهـ.

قلت: وهو تقصير من الحافظ السيوطي رحمه الله فإن الأثر في موطأ محمد بن الحسن، بوّب عليه بقوله: باب ما يكره من قطع الدرهم والدينار، ثم قال: أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قطع الورق والذهب من الفساد في الأرض. قال محمد: قطع الدراهم والدنانير لغير منفعة اهـ منها.

وعزا التقي المقريزي في رسالته في النقود الإسلامية، قول ابن المسيب هذا إلى تخريج مسدد، قال: حدثنا خالد بن عبد الله قال: حدثنا مالك عن ابن سعيد به، فذكره وهو في طبقات ابن سعد بلفظ: أنه سئل عن قطع الدراهم فقال: هو من الفساد في الأرض انظر ص ١٠٠ ج ٥.

وقد اختلف في معنى كلام سعيد فقيل: كما في حاشية أبي الحسنات اللكنوي: مراد محمد من قطعها كسرها وإبطال صورها، وجعلها مصوغا معروف وهو ما مال إليه القاري في شرح الموطأ وقال التقي المقريزي عقب الأثر المذكور: يعني كسرهما اهـ.

وقال بيري زاده في شرح الموطأ عن ابن الأثير: كانت المعاملات بها في صدر الإسلام عدّا لا وزنا، فكان بعضهم يقصّ أطرافها فنهوا عنه اهـ انظر اللكنوي. وما نقله عن ابن الأثير هو له في النهاية على حديث أبي داود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسر السكة الجائزة بين المسلمين، إلا من بأس يعني الدنانير والدراهم المضروبة، أي لا تكسر أي من أمر يقتضي كسرها، إما لرداءتها أو شك في صحة نقدها، وكره ذلك لما فيه إسم الله، وقيل لأن فيه إضاعة المال، وقيل إنما نهى عن كسرها على أن تعاد تبرا، فأما للنفقة فلا وقيل:

كانت المعاملة بها في صدر الإسلام عدّا لا وزنا، فكان بعضهم يقص أطرافها فنهوا عنه اهـ من النهاية واختصارها.

وربما يكون المراد من قطعها استئصالها وعدم المصارفة بها وبأصلها رأسا، كما هو الحال في زماننا هذا في كثير من جهات الكرة الأرضية، بعد الحرب الطاحنة الكبرى، التي عمت العالم والله أعلم.

السادسة: ما ذكره السيوطي في أول من ضرب الدرهم والدينار نحوه في المواهب الفتحية، عن شرح الإمام النابلسي، على الطريقة المحمدية: أول من ضرب الدرهم والدينار آدم عليه السلام، وقال: لا تصح المعيشة إلا بهما اهـ وهو في الحلية لأبي نعيم عن معاوية بن عبد الله الجعبري، عن كعب الأحبار، عزاه لها الحلبي في الدر النفيس، ثم وجدت في مسند أبي حنيفة رواية الحصكفي، أن أبا حنيفة روى عن أبي سلمان قال: أول

<<  <  ج: ص:  >  >>