للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المواهب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعى صفات الأطعمة وطبائعها، ويراعي استعمالها على قاعدة الطب، فإذا كان في أحد الطعامين ما يحتاج إلى تحسين وتعديل لحرارته كسره وعدله، وهذا أصل كبير في المركبات والأدوية، وإن لم يجد ذلك تناوله على حاجة وداعية من غير إسراف اهـ.

وفي آخر الجيش العرمرم الخماسي لأبي عبد الله أكنسوس المراكشي: شرع سيد المتوكلين التداوي، وكان يستعمله في نفسه ويأمر به غيره، حتى قيل: إن القدر التي تطبخ فيها أدويته عليه السلام لا تكاد تنزل عن النار اهـ منه.

وفي سنن أبي داود «١» عن سعد وهو ابن أبي وقاص قال: مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها في فؤادي، فقال إنك مفؤود أي مريض بفؤادك، ائت الحرث بن كلدة أخا ثقيف، فإنه رجل يتطبب أي يعرف الطب مطلقا، أو هذا النوع من المرض، فيكون مخصوصا بالمهارة والحذاقة. قاله شارح السنن.

قال الحافظ الذهبي في التجريد، لما ترجم للحرث: قيل إنه عالج سعدا في حجة الوداع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ابن سعد بلا سند يأمر من كانت به علة أن يأتيه فيسأله عن علته اهـ وقع ذلك في طبقات ابن سعد ص ٣٧٢ ج ٥.

وقال ابن طرخان بعد أن ذكر قصة أكل الحارث بن كلدة مع أبي بكر، وقوله له:

أكلنا سم سنة وإنهما ماتا في يوم واحد. وكان الحارث بن كلدة طبيبا من أفاضل أطباء العرب من أهل الطائف، رحل إلى أرض فارس وأخذ الطب عن أهل تلك الديار، ومن أهل جندي سابور وغيرها في الجاهلية، وأجاد في هذه الصناعة، وطبّ بأرض فارس وحصل له بذلك مال كثير، وشهد من رآه ببلد فارس بعلمه وشاع اسمه بينهم، ثم رجع إلى بلاده واشتهر طبه بين العرب، وأدرك الإسلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من كانت به علة أن يأتيه فيستوصفه اهـ.

وقال ابن القيم في الهدى النبوي: عن الحارث المذكور أنه طبيب العرب. بل أطبهم. وكان فيهم كإبقراط في قومه اهـ.

وأخرج ابن منده من طريق اسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال: مرض سعد فعاده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأرجو أن يشفيك الله، ثم قال للحارث بن كلدة: عالج سعدا.

قال ابن سعد: لا يصح إسلام الحرث قال ابن عبد البر في الاستيعاب: فدل ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله اهـ.

ونقله الحافظ المنذري في اختصار السنن، والوزير أبو الحسن بن يوسف القفطي في


(١) كتاب الطب ٤/ ٢٠٧ باب في تمرة العجوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>