للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكره دخولها وقال لعلي: اذهب بالناس، فذهب علي بالمسلمين فدخلوا وأكلوا «١» ، وجعل علي ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل وأكل منها، وقد رأيت هذه القصة بعنيها في كتاب ذمّ الموسوسين وذم الوسوسة للإمام موفق الدين بن قدامة المذكور، انظر ص ١٩ منه طبعة مصر.

وفي شرح كشف القناع على متن الإقناع للشيخ منصور بن إدريس الحنبلي، من كبار كتب الحنابلة، لما ذكر متنه أن المدعو للوليمة إن شاهد ستورا معلقة فيها صور حيوانات وأمكنه حطها أو قطع رأسها فعل، وإن لم يمكنه ذلك كره له الجلوس، إلا أن تزال، ما نصه: قال في الإنصاف: والمذهب لا يحرم اهـ لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم واسماعيل يستقسمان الأزلام، فقال: قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها قط رواه أبو داود «٢» ولأن دخول الكتاتيب والبيع غير محرم، وهي لا تخلو منها وكون الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة لا يوجب تحريم دخوله، كما لو كان فيه كلب ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس، مع أن الملائكة لا تصحبهم، ويباح ترك الإجابة إذن عقوبة للفاعل وزجرا له عن فعله اهـ منه.

ووقع في كلام لبعض المصريين: اشتهر العرب في العصر العباسي بالتصوير على الجدران، وعلى صفحات الكتب بحروف تخطيطية كانت ذات اتقان زائد، وقد اطلعنا على كتاب قديم يرجع تاريخه إلى القرن الثالث الهجري، رسم فيه مؤلفه جماعة من النوابغ الإعلام، واطلعنا أخيرا على عدة كتب مصورة يرجع عهدها إلى القرن الرابع والخامس والسادس. ومن قرأ تاريخ الأندلس وجد أن الخليفة عبد الرحمن الناصر بني قصر الزهراء، الذي يضرب به المثل، وجعله مسكنا للزهراء جاريته، وسماه باسمها الزهراء. ونقش صورتها على بابه رمزا للرسم التخطيطي.

وقال الشريف أبو عبد الله الجواني في كتاب النقط على الخطط أن الخليفة الآمر بأحكام الله، قد بنى قنطرة من الخشب مدهونة بالألوان، وصور فيها الشعراء كل شاعر وبلده، واستدعى من كل واحد منهم قطعة من الشعر في المدح، وكتب ذلك عند رأس كل شاعر، وبجانب صورة كل واحد منهم رف لطيف مذهّب. فلما دخل الآمر هذه القنطرة وقرأ الأشعار ابتهجت نفسه، وأمر أن يوضع على كل رف صرّة مختومة، تحتوي على خمسين دينارا، وأن يدخل كل شاعر يأخذ صرته بيده، وكانوا عدة شعراء. وعثر في أطلال


(١) ما قرأت في مكان آخر خبر دخول علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الشام. فهل كان بصحبة عمر حينما قدم إلى القدس. مأظن أن هذا الخبر إمدسوس. والله أعلم. مصححه.
(٢) راجع البخاري كتاب الأنبياء ج ٤ ص ١١١ ونصه: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت، ورأى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأيديهما الأزلام فقال: قاتلهم الله، والله إن استقسما بالأزلام قطّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>