للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال؛ فتعجب ركانة، ثم سأله الإقالة والعودة، ففعل به ذلك ثانيا وثالثا فوقف ركانة متعجبا وقال: إن شأنك لعجيب رواه أبو نعيم والبيهقي، عن أبي أمامة من طريقين: مرفوعا ومرسلا.

وركانة المذكور هو ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، القرشي المكي الصحابي الذي أسلم عام الفتح. وتوفي في المدينة في خلافة معاوية عام ٤٢. وكان شديد البأس قويا جسيما معروفا بالقوة في المصارعة بحيث إنه لم يصرعه أحد قط ولم يمس جلده الأرض مغلوبا قط، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صارعه فصرعه، قاله الخفاجي في النسيم. وفي حواشي ابن الطيب الفاسي على القاموس في ركانة: قصته مشهورة وصرع النبي صلى الله عليه وسلم إياه من اعظم معجزاته، وكان ركانة أصرع أهل زمانه، وكان من شدته أنه يقف على جلد بعير لين جيد حين سلخه، فيجذبه من تحته عشرة فيتمزق الجلد ولا يتزحزح هو عن مكانه، كما في شروح الشفا والمواهب وغيرهما اهـ.

قلت: قصة ركانة المذكورة رواها الحاكم في مستدركه، عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة المصارع عن أبيه محمد لكن قال الحافظ ابن حجر في التقريب أبو جعفر بن محمد بن ركانة مجهول ومحمد بن ركانة قال عنه أيضا فيه مجهول، ووهم من ذكره من الصحابة، وروى المصارعة أبو داود والترمذي «١» : من طريق أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد ابن ركانة عن أبيه، أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم قال الترمذي: غريب وليس إسناده بالقائم. وقال ابن حبان في إسناد خبره في المصارعة نظر لا أعتمد على إسناد خبره قاله في الإصابة. وقد صارع صلى الله عليه وسلم كما في المواهب جماعة غير ركانة منهم ابنه يزيد بن ركانة ومنهم أبو الأسود الجمحي كما قال السهيلي. ورواه البيهقي وكان شديدا بلغ من شدته أنه كان يقف على جلد البقرة ويتجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرك الجلد ويتقطع ولا يتزحزح عنه، فدعا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المصارعة، وقال: إن صرعتني آمنت بك فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ.

وقال الحفني في حواشي شرح ابن حجر علي الهمزية قيل: وصارع أبا جهل ولكن لم يصح اهـ واصله للبرهان الحلبي في المقتفى، كما نقله عنه الخفاجي في نسيم الرياض في موضع. وفي محل آخر نقله عن المقدسي.

وعندي رسالة لطيفة للحافظ السيوطي سماها المسارعة إلى المصارعة، ذكر فيها مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ركانة من طرق، ومصارعة صغار الصحابة فيما بينهم لينجحوا في الأذن لهم في شهود الغزو، وأن أهل مكة كانوا لا يصارعون أحدا إلّا صرعوه، حتى رغبوا عن ماء زمزم. ومن طرق: مصارعة الحسن للحسين عليهما السلام، بمرأى منه صلى الله عليه وسلم. وقال


(١) انظر كتاب اللباس في سنن أبي داود ج ٤/ ٣٤١ والترمذي أيضا ج ٤/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>