سببا لنسيان فاعله، أو وصفه نفسه بالصبر عليه، أو بالحلم أو بالصفح عنه أو دعا إلى التوبة منه، أو وصف فاعله بخبث، أو احتقار أو نسبه إلى عمل الشيطان، أو تزيين الشيطان لفاعله، أو وصفه بصفة ذم ككونه ظلما، أو عدوانا، أو بغيا أو إثما أو مرضا، أو تبرأ الأنبياء منه، أو من فاعله أو شكوا إلى الله من فاعله أو جاهروا فاعله بالعداوة، أو نهوا عن الأسف والحزن عليه، أو نصب سببا لخيبة فاعله، عاجلا أو آجلا، أو رتب عليه حرمان الجنة، وما فيها أو وصف فاعله بأنه عدو لله، أو أعلن فاعله بحرب من الله ورسوله، أو حمل فاعله إثم غيره، أو قيل فيه: لا ينبغي هذا أو لا تكون أو أمره بالتقوى عند السؤال عنه، أو أمر بفعل مضاد له أو هجر فاعله، أو لعن فاعلوه في الآخرة، أو تبرأ بعضهم من بعض، أو دعاء بعضهم على بعض، أو وصف فاعله بالضلالة أو أنه ليس من الله في شيء، أو ليس من الرسول وأصحابه، أو جعل إجتنابه سببا للفلاح، أو جعل سببا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين أو قيل: هل أنت منته؟ أو نهي الأنبياء عن الدعاء لفاعله، أو رتب عليه إبعاد أو طرد أو لفظة قتل من فاعله، أو قاتله الله أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله، ولا ينظر إليه ولا يزكيه يوم القيامة، ولا يصلح عمله ولا يهدي كيده، ولا يفلح أو قيض له الشيطان، أو جعل سببا لازاغة قلب فاعله، أو صرفه عن آيات الله، وسؤاله عن علة الفعل، فهو دليل على المنع من الفعل، ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة.
وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال، ونفي الجناح، والحرج والإثم، والمؤاخذة من الاذن، والعفو عنه، ومن الإمتنان بما في الأعيان من المنافع، ومن السكوت عن التحريم، بالإنكار على من حرم الشيء، من الأخبار بأنه خلق أو جعل لنا، والأخبار عن فعل من قبلنا غير ذام لهم عليه، فإن اقترن باخباره مدح دل على مشروعيته، وجوبا أو استحبابا اهـ كلام الشيخ عز الدين.
وقال غيره: قد يستنبط من السكوت، وقد استدل جماعة بأن القرآن غير مخلوق، أن الله ذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا وقال: إنه مخلوق. وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا ولم يقل: إنه مخلوق. ولما جمع بينهما غاير فقال: الرحمن علم القرآن خلق الإنسان اهـ من الإتقان وما أتمه وأوسعه ونحوه، في مقدمة الإكليل في استنباط التنزيل راجعه أيضا.
وفي ترجمة أبي يوسف عبد السلام بن محمد بن بندار القزويني، المفسر المتوفى سنة ٤٨٨، أنه أهدى إلى نظام الملك «١» أربعة أشياء، لم يكن لأحد مثلها: منها؛ مصحف بخط بعض الكتاب المجودين بالخط الواضح، وقد كتب كاتبه اختلاف القراء بين سطوره
(١) هو الوزير العالم خواجه نظام الملك السلجوقي مؤسس المدارس النظامية العشرة وأشهرها نظامية بغداد ٤٥٧ هـ وكان عالما فاضلا استشهد رحمه الله عام ٤٨٤ هـ في صحنة على يد أحد الحشاشين قرب همدان من بلاد الجبل في إيران وكان الإمام الغزالي من أصدقائه.