يحيى بن إسحاق قال: ثنا يحيى بن أيوب قال: حدثني أبو قبيل قال: كنا عند عبد الله عمرو بن العاصي، وسئل أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية، فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق له حلق، فأخرج منه كتابا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولا؟ أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح أولا يعني قسطنطينية قال الشيخ أبو الحسن السندي في حواشيه: قوله: له حلق بحاء مهملة مكسورة جمع حلقة أو بخاء معجمة مفتوحة ولام مفتوحة صفة صندوق أي عتيق. وفي المجمع رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. غير أبي قبيل وهو ثقة اهـ.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن عمرو قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب ما سمعت منه فأذن لي فكتبته، فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة.
وأخرج ابن سعد أيضا عن مجاهد قال: رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال: هذه الصادقة، فيها ما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه فيها أحد ص ١٢٥ ج ٢ من القسم ٣.
وعن أبي هريرة قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، قال: كان يكتب بيده ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي، واستاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة فأذن له، رواه أحمد والترمذي. وقال حديث حسن صحيح، وأصله في الصحيح. وبوّب عليه الترمذي في كتاب العلم. من الجامع تحت باب: الرخصة في كتابة العلم ولفظ البخاري «١» : فإنه كان يكتب ولا أكتب قال الحافظ في الفتح على قوله: ولا أكتب: قد يعارضه ما أخرجه ابن وهب من طريق الحسن بن عمرو بن أمية قال تحدث عند أبي هريرة بحديث، فأخذ بيدي إلى بيته فأراني كتبا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا هو مكتوب عندي قال ابن عبد البر: ويمكن الجمع بأنه لم يكتب في العهد النبوي، ثم كتب بعده وأقوى من ذلك أنه لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده أن يكون بخطه وقد ثبت أنه لم يكن يكتب فتعين أن المكتوب عنده بغير خطه اهـ منه.
وقال الحافظ السيوطي في تدريب الراوي: وأباح كتابة الحديث طائفة وفعلوها منهم:
عمر وعلي، وابنه الحسن، وابن عمرو، وأنس، وجابر، وابن عباس، وعمرو، وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين اهـ.
وأخرج البيهقي في المدخل وابن عساكر عن الحسن بن علي قال لبنيه وبني أخيه:
إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين: فتعلموا العلم فمن لم يحسن منكم أن يؤديه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.