للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي طبقات ابن أبي أصيبعة أيضا، لدى ترجمة تيادون الطبيب الفاضل المشهور، الذي كان في دولة بني أمية، المتوفى بواسط في نحو تسعين من الهجرة، له من الكتب كناش كبير، ألّفه لابنه، كتاب ابدال الأدوية وكيفية دقها، وانقاعها واذابتها، وشيء من تفسير أسماء الأدوية اهـ من عيون الأنباء ص ١٢٣ من ج ١.

ونقل صاحب الجاسوس على القاموس في ص ٥٠١ عن الفرّاء في كعب الحبر «١» ، وهو كعب بن ماتع الحميري، كان يهوديا، وأدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما قيل له كعب الحبر، لمكان هذا الحبر الذي يكتب به لأنه كان صاحب كتب اهـ وكانت وفاة كعب في خلافة عثمان، وفي ترجمة عبيدة بن قيس السلماني: ممن أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولكنه لم يلقه، ومات سنة ٧٢ من الهجرة، من طبقات ابن سعد بسنده إلى النعمان بن قيس قال:

دعا عبيدة بكتبه عند موته فمحاها وقال: أخشى أن يليها أحد بعدي، فيضعونها في غير موضعها اهـ وعنه أيضا قال: لا تخلدن علي كتابا انظر ص ٦٣ من ج ٦.

وفي ترجمة عروة بن الزبير، من طبقات ابن سعد أيضا، أخبرنا إسحاق بن أبي إسرائيل، أنا عبد الرزاق بن همام، أنا معمر عن هشام بن عروة قال: أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إليّ من أن يكون لي مثل أهلي ومالي اهـ انظر ص ١٣٣ من ج ٥ ووقعة الحرة كانت سنة ٦٣ من الهجرة وكثير من الصحابة كانوا في الأحياء قال بعضهم: هل احترقت كتب عروة في اليوم الذي كتبت فيه، بل كتبت هي وغيرها من الكتب في غضون القرن الأول، فهل بقي شك في أن العرب دوّنوا علومهم في الصحف من ابتداء القرن الأول الهجري؟ اهـ.

ويؤيد هذا الظن القاضي بأن الكتب كثرت أول القرن الثاني، وآخر الأول: ما في ترجمة أبي عمرو بن العلاء، من ابن خلكان؛ أن كتبه التي كتبت عن العرب الفصحاء، قد ملأت بيتا غرفة إلى قريب من السقف، وولد المذكور سنة ٦٥، ومات وسط القرن الثاني.

وفي ترجمة ابن شهاب الزهري، من تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر: قال معمر عن صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري، فقال: تعال نكتب السنن قال: فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة قال: فكتب ولم أكتب فنجح وضيعت.

ونقل أيضا عن أبي الزناد: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس، هذا مع أن ابن شهاب ولد سنة خمسين أو بعدها بيسير، ومات سنة ١٢٣، وأدرك جماعة من الصحابة أخذ عنهم، كعبد الله بن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وجابر، وأبي الطفيل، والسائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وأبي أمامة وغيرهم، أوصلهم أبو نعيم في الحلية لأزيد من العشرين.


(١) قلت: وهو المشهور بكعب الأحبار. مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>