مروان، خطر بباله الصنعة. فأحضر جماعة من الفلاسفة، فأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اليوناني إلى العربي، وهذا أول نقل كان في الإسلام اهـ منه ص ٤٤٧ من ج ١.
وفي أوائل السيوطي: أول من ترجمت له كتب الطب والنجوم خالد بن يزيد بن معاوية. وقيل: المنصور اهـ.
وذكر ابن النديم في فهرسته: أن صناعة الكيمياء كانت رائجة في أيام خالد بن يزيد بن معاوية في مدرسة الاسكندرية، فاستقدم جماعة منهم راهب رومي اسمه اسطفان القديم انظر ص ٢٤٢ وص ٢٤٤ منها.
وبكلام ابن أبي الحديد السابق تعلم ما في قول جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية: لعلهم ترجموا لخالد بن يزيد شيئا في علم النجوم لم يصلنا خبره، وفي أخبار الحكماء لابن القفطي ص ٤٤٠ في ترجمة ابن السنبدي؛ أنه شاهد في خزائن الكتب بالقاهرة كرة نحاس، وعليها مكتوب: حملت هذه الكرة من الأمير خالد بن يزيد بن معاوية. [تاريخ الحكماء وهو مختصر الزوزني من أخبار العلماء طبعة ١٩٠٣ لينبريغ] .
قلت: وبكل ما سبق عن الجاحظ، وابن النديم، وابن خلكان، وابن القفطي، وابن أبي الحديد، والصفدي، والسيوطي، وغيرهم تعلم ما في تعقل ابن خالدون البارد، وذلك في قوله: من المعلوم البيّين أن خالدا من الجيل العربي والبداوة إليه أقرب، فهو بعيد عن العلوم والصنائع بالجملة، فكيف له بصناعة غريبة المنحى مبنية على طبائع المركبات وأمزجتها، وكتب الناظرين في ذلك من الطبيعيات والطب لم تترجم بعد اهـ.
ويكفي في رد تهجمه قول ابن النديم: وهو من هو من القرب إلى ذلك الزمن والاطلاع العظيم أن صناعة الكيمياء كانت رائجة في زمن خالد. وبذلك يهوي تعقل ابن خالدون في الدرك الأسفل من الفساد والله أعلم.
وفي تاريخ آداب اللغة العربية المذكور أن طبيبا كان معاصرا لمروان بن الحكم اسمه ماسرجوية سرياني الجنس يهودي المذهب، كان يقيم في البصرة، وظهر في أيامه، كتاب في الطب هو كناش (حاوي) من أفضل الكنانيش ألفّه القس أهرون بن أعين في اللغة السريانية، فنقله ماسرجوية إلى العربية. فلما تولى عمر بن عبد العزيز، وجد هذا الكتاب في خزائن الكتب في الشام، فحرضه بعضهم على إخراجه إلى المسلمين للانتفاع به، فاستخار الله في ذلك أربعين يوما ثم أخرجه إلى الناس، وبثه في أيديهم انظر ص ٢٣٣ من ج ١.
وفي شفاء الغليل: الكنّاش بضم الكاف العربية وتخفيف النون وآخره شين معجمة بوزن غراب لفظ سرياني: المجموعة والتذكرة وقد وقع هذا اللفظ كثيرا في كلام الحكماء، وسموا به بعض كتبهم كما يعرفه من طالع كتب الحكمة اهـ.