وبوّب البخاري «١» في كتاب الحدود بقوله: باب نفي أهل المعاصي والمخنثين، ثم خرّج عن ابن عباس: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال:
أخرجوهم من بيوتكم: وأخرج عمر فلانا. وفي الشرح الجلي على بيتي الموصلي: كان في المدينة على عهده صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المخنثين وهم؛ هيث وهرم، ومانع، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم منهم هيثا إلى خاخ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يظنه أنه من غير أولي الإربة من الرجال، لما يرى فيه من التكسر ولين الكلام، فكان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف جارية من العرب، فسمعه يقول في وصفها: أنها إذا قامت تثنت، وإذا قعدت تبثت، وبين فخديها شيء مخبوء، كأنه الإناء المكفوء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنت أحسب هذا الخبيث يحسن هذا الكلام أو كما قال. ونفاه إلى خاخ.
وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فكان بالمدينة ستة من المخنثين اهـ انظر ص ٢٣١. وقال الحافظ في ترجمة أنجشة من الإصابة: وقع في حديث واثلة ابن الأسقع أن أنجشة كان من المخنثين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرج الطبراني بسند فيه لين عن واثلة قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين، وقال: أخرجوهم من بيوتكم، وأخرج النبي صلى الله عليه وسلم أنجشة، وأخرج عمر فلانا.
وترجم في الإصابة أيضا لأنة فنقل عن البارودي؛ أنه أخرج من طريق إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن حفص، قال: قالت عائشة لمخنث كان بالمدينة يقال له أنة: ألا تدلنا على امرأة نخطبها على عبد الرحمن بن أبي بكر؟ قال: بلى فوصف امرأة إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أنة أخرج من المدينة إلى حمراء الأسد فليكن بها منزلك، ولا تدخلن المدينة، إلا أن يكون للناس عيد.
ورمز له بالزاي. وعجبا لأبي زيد العراقي؛ فإنه اختصر هذه الترجمة بقوله: إنه المخنث ذكره اهـ إلا أنه ضبط إنة بالكسر والتشديد وهو غلط منه رحمه الله. وفي التجريد للذهبي أنه المخنث. قال السهيلي: المخنثون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: هيث وهرم ومانع اهـ.
وترجم في الإصابة أيضا هيث في حرف الهاء فقال: هيث المخنث الذي كان يدخل على النساء، قيل: اسمه مانع، وأشار له بالسين وهي إشارة إلى تخريج أبي موسى المديني له، وترجم أيضا لمانع المخنث مولى فاختة بنت عمرو بن عابد، بن عمران بن مخزوم، فذكر أنه كان هو وهيث في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال لعائشة لما سمعها تطلب امرأة تخطبها لعبد الرحمن ابن أبي بكر أخيها: عليك بفلانة فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، فنفاه إلى حمراء الأسد فبقي إلى خلافة أبي بكر وخلافة عمر.
وذكر ابن وهب في جامعه عن الحرث بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ذيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن مخنثين كانا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقال لأحدهما: هيث وللآخر