والسرة بشعر، يجري كالخط، عاري الثديين مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين وسائر الأطراف، سبط العصب.
ورواه ابن الأنباري: سبط القصب وهو شبه خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال تقلعا، ويخطو تكفؤا، ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا إلتفت إلتفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام.
قلت: صف لي منطقه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم، فصلا لا فضول فيه، ولا تقصير، ليس بالجافي ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئا، لم يكن يذم ذواقا، ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجّب قلبها، وإذا تحدث إتصل بها يضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفترّ عن مثل حبّ الغمام.
قال الحسن: فكتمها الحسين بن علي زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأل أباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخرجه، ومجلسه، وشكله، فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين رضي الله عنه: سألت أبي عليه السلام عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزء لله وجزؤ لأهله، وجزؤ لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة، ولا يدّخر عنهم شيئا، فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه، قسمته على قدر فضلهم في الدين، منهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب منكم، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنه إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره. يدخلون أو إذا قال في حديث سفيان بن وكيع ولا يفترقون إلا عن ذواق، يخرجون أذلة يعني فقهاء.
قلت: فأخبرني عن مخرجه، كيف كان يصنع فيه؟
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيهم، ويؤلفهم، ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره، ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصونه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغافل مخافة أن يغافلوا، أو يملوا، لكل حال