للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعراق اغتنت مكاتب أوروبا فانظر كلامه فإن جادت اليوم أوروبا علينا بنقل شيء من مكاتبها، أو نشره استفدنا، وإلا بقيت تلك الكنوز مكنوزة، وفي مكاتبهم المحاطة بدواليب الماء، والمطافي خشية الإحتراق، وبالعسس الليلية والنهارية مصونة.

ولما ذكر أبو محمد عبد الله التيجاني في رحلته: أنه كان بخزانة أبي زكرياء الحفصي بتونس ثلاثون ألف مجلد، فنقصت إلى أن صارت سنة الاف، قال: حكي ذلك إلى الحسن بن معمر الهواري الطرابلسي، قاضي باحة، وكان من خواص السلطان المذكور، ومن علماء دولته، وسئل عن السبب فقال: المطر وأيدي البشر اه وعلّل ذلك بعض شيوخنا الجزائرين فقال: توالي البطالات والسكون إلى الراحات. وأين الموجود الآن من أسماء الكتب، مما ذكره الشيخ مسعود جموع في كتابه: منهاج رسم القرآن في شرح مورد الظمان، حسبما نقلته من خط تلميذه ابن عاشر الحافي السلوي في كناشه، نقلا عن شرح العقيلة قال: صنف المصنفون من هذه الأمة كتبا ما لها عدد في كل فن، ثم نقل عمن رأى بغرناطة عند بعض الطلبة كتابا كبيرا ضخما في القالب الكبير، وعلى ظهر الكتاب مكتوب السفر السادس والخمسون من أسماء الكتب، ولم يدر ما بقي معه، وليس في هذا السفر إلا إسم الكتاب وإسم مؤلفه، وبلده ووفاته، خاصة فانظر كم تضمنت هذه الأسفار من أسماء أجزاء الكتب اهـ.

وقد ذكر القاضي ابن خلكان في ترجمة الصاحب بن عباد أنه كتب إليه نوح بن منصور أحد ملوك بخارى يستدعيه ليفوض إليه وزارته، فكان من اعتذاره أنه قال له: إنه يحتاج لنقل كتبه خاصة أربعمائة جمل اهـ وابن عباد المذكور من أهل المائة الرابعة توفي في صفر سنة ٣٨٥، وإذا كان هذا ما يملكه رجل واحد في قطر واحد، فما بالك بمن عداه من الرجال المنتشرين في الأقطار والأمصار، وإذا كان هذا ما بلغت إليه صنعة التأليف عند المسلمين في نحو ثلاثمائة سنة في علم واحد، فانظر ما بلغوه بعد.

قال الحافظ السيوطي في المزهر عقب حكاية الصاحب ابن عباد المذكور: قد ذهبت جلّ كتبه في اللغة في الفتنة الكائنة بين التتر وغيرهم، بحيث أن الكتب الموجودة الآن في اللغة، من تصانيف المتقدمين والمتأخرين، لا يجيء حمل جمل واحد اهـ بواسطة فتح القدوس، في شرح خطبة القاموس، لأبي العباس الهلالي، وجمع في الفتح المذكور بين رواية ابن خلكان في احتياج ابن عباد لأربعمائة جمل، وبين رواية غيره بإحتياجه إلى ستين جملا بأن الزائد على ما ذكر السيوطي هو من كتب غير اللغة، أنظر فتح القدوس.

وفي الدر المختار شرح تنوير الأبصار للحصكفي الحنفي قيل: إنه أي محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة المتوفي سنة ١٨٩ صنّف في العلوم الدينية تسعمائة وتسعة وتسعين كتابا اهـ وقال الشافعي: حملت من علم محمد وقر بعير كتبا، فإذا كان هذا مؤلف واحد في القرن الثاني الهجري بلغت مؤلفاته الألف منها ما كتب في ستين دفترا وآخر وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>