للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصار عدّهم البيهقي هكذا: أبي بن كعب، زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ وأبو الدرداء وسعد بن عبادة، رواه الطبراني والبيهقي مقيدا بالأنصار فلا ينافي أنه حفظه كثيرون، وفي الصحيحين عن أنس أنه جمع القرآن أي حفظ جميعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي ومعاذ وأبو زيد بن ثابت. قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومته.

أبو زيد المذكور هو قيس بن السكن يكنى أبا زيد كنيته غالبة عليه ولا عقب له، نبّه على ذلك الموفق بن قدامة في الإستبصار في أنساب الأنصار. وفي ترجمة ثابت بن زيد بن مالك الأنصاري من الإستبصار أيضا يروي عن يحيى بن معين أنه أبو زيد الذي جمع القرآن وغير ذلك أولى اهـ منه، وفي ترجمة حنظلة بن أبي عامر من الإستبصار أيضا. روى قتادة عن أنس قال: إفتخرت الأوس فقالوا: منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب. ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا من كانت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت، ومنا من إهتز عرش الرحمن لموته سعد بن معاذ فقال الخزرجيون: منا أربعة قرؤا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأه غيرهم، أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد وأبو حنظلة اهـ.

قلت: ومراد من حصرهم في أربعة من حضر في ذهنه، فلا ينافي وجود غيرهم من حفظته، كأبي بكر، وفي الفجر الساطع لدى باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أنس: لم يجمع القرآن غير أربعة أستشكل هذا فإنه قد جمعه سواهم، ذكر أبو عبيد منهم الخلفاء الأربعة وطلحة وسعدا وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة الأربعة وغيرهم، وأجيب باحتمال: أن المراد لم يجمعه على جميع وجوهه من القراآت التي أنزل بها إلّا أولئك، وأن أنسا قاله بحسب ما وصل إليه علمه، وإن كان الواقع خلافه اهـ وفي فتح الباري: الذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر كان يحفظ القرآن في حياته عليه السلام، وقد صح حديث «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» «١» ، وقد قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما للمهاجرين والأنصار، فدل على أنه كان أقرأهم، وكسيدنا علي فإنه جمع القرآن على ترتيب النزول، عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن أبي داود «وانظر فتح الباري» .

وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي: أخرج الخطيب في التاريخ بسنده عن محمد بن عباد قال: لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان والمأمون اهـ. وهذا الحصر ممنوع؛ بل حفظه أيضا الصديق على الصحيح، وصرّح به جماعة منهم النووي في تهذيبه، وعليّ وورد من طريق أنه حفظه كله بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي الرياض المستطابة: جمع القرآن حفظا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: علي،


(١) أخرجه أحمد عن أبي مسعود الأنصاري وأنس وعمرو بن سلمة انظر ج ٤ ص ١١٨ والمكتب الإسلامي ج ٤ ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>