ادعى أن الممدوح أعدى بسخائه الزمان فسخا به على البشر؛ وإنما حمله على السخاء أنه أعداه, ولولا ذلك لكان بخيلًا به.
وقوله:
وكأن برقًا في متون غمامةٍ ... هنديه في كفه مسلولًا
شبه سيفه بالبرق ويده بالغمامة. وهنديه أي سيفه, وجعل اسم كأن نكرةً وخبرها معرفةً وذلك حسن لأن كون الاسم نكرةً والخبر من المعارف, إنما ينكر إذا تغير بذلك الإعراب كقولك: كان الأمير شابًا فهذا وجه الكلام. فإن قلت: كان الأمير شاب لم يجز مثل ذلك إلا في ضرورة, وكونه في كان وأخواتها ينكر لأنه يؤدي إلى تغيير الإعراب, وهو في إن وأخواتها غير نكيرٍ؛ لأنك إذا قلت: إن قائمًا أبوك فالإعراب على حاله؛ وإنما جاء الاسم نكرةً وليس الخبر كذلك, ومما جاء الاسم فيه نكرةً والخبر معرفةً في باب: إن قول الفرزدق: [الوافر]
وإن حرامًا أن أسب مقاعسًا ... بآبائي الغر الكرام الخضارم
فقوله: حرامًا نكرة, والجملة التي هي قوله: أن أسب مقاعسًا في موضع معرفةٍ؛ لأنها تؤدي معنى قوله: وإن حرامًا سبي مقاعسًا.
وقوله:
ومحل قائمه يسيل مواهبًا ... لو كن سيلًا ما وجدن مسيلا
الهاء في قائمه عائدة على سيف الممدوح. والمحل حيث يحله الشيء, وإنما يعني يد الممدوح؛ أي إن يده التي يحلها قائم سيفه أي يكون فيها من قولهم: حللت بالدار. ومواهبًا منصوبة لأنها مفعول, ولما كان قائم السيف لا يعقل جمعوه على قوائم, قال الشاعر في صفة السيوف:[الطويل]
إذا هي شيمت فالقوائم تحتها ... وإن لم تشم يومًا علتها القوائم
زعم أن ما يسيل من كف هذا الرجل لو كان سيلًا لم يصب موضعًا يسيل فيه.