وقوله:
قصرت مخافته الخطى فكأنما ... ركب الكمي جواده مشكولا
يقول: قصرت مخافة هذا الأسد الخطى؛ وإنما يعني خطى الخيل؛ لأنها لا تقدم عليه, وكان بعض الملوك يصور صورة أسدٍ ويجعله بين دوابه لتأنس به؛ فإذا رأت أسدًا حقيقيًا لم تهبه. يقول: كأن الفارس ركب الجواد مشكولًا فهو لا يقدم على الأسد.
وقوله (١٦٥/ب):
ألقى فريسته وبربر دونها ... وقربت قربًا خاله تطفيلا
يقول: ألقى الأسد فريسته وبربر دونها, والبربرة كلام غليظ, وقد استعير لغير الإنس, قال الشاعر: [البسيط]
لا أرض أكثر منك بيض نعامةٍ ... ومذانبًا تندى وروضًا أخضرا
ومعينًا يحمي الصوار كأنه ... متخمط قطم إذا ما بربرا
يعني بالمعين ثورًا وحشيًا. ويقال: تخمط الفحل إذا هاج وصال, وجعل بعضهم صوت الدف بربرة؛ فقال: [المتقارب]
يغرد في الصبح ذا بحةٍ ... كبربرة الدف يوم النياح
والتطفيل اسم حدث في الإسلام؛ وذلك أن الكوفة كان فيها رجل يقال له: طفيل إذا أحس بوليمةٍ مضى إليها وإن لم يدع؛ فكان يقال له: طفيل الأعراس, فقيل لكل من دخل إلى قوم ليأكل من طعامهم ولم يدعوه إليه: طفيلي, واشتقوا له فعلًا فقالوا: طفل تطفيلصا.
يقول: هذا الأسد ظنك قد طفلت عليه فغضب من ذلك.
وقوله:
فتشابه الخلقان في إقدامه ... وتخالفا في بذلك المأكولا
يقول: أشبه خلقك خلق الأسد في الإقدام, وخالفته في بذلك المأكول؛ لأنك جواد وهو بخيل.