للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها واكف هطل

وقيل: إن الحزن في بيت الأعشى موضع بعينه وليس ذلك بممتنع, قال كثير: [الطويل]

فما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها

فقال الشاعر: أنا كمنبت روض الحزن بكر علي الغيث فهطل بأرضٍ غير سبخةٍ؛ لأن السبخة أرض فيها ملوحة فهي لا تنبت إذا جادها الغيث.

وسئل بعض الأعراب عن الأرض السبخة فقال: هي التي لا ييبس ثراها, ولا ينبت مراعاها, أي: إن الغيث وإن كثر جوده لها فإنها لا تنبت؛ إلا أن ثراها لا يزال نديًا فلا منفعة فيه.

وقوله:

غيث يبين للنظار موقعه ... أن الغيوث بما تأتيه جهال

يعني بالغيث: الممدوح وعطاءه. أي: إنه قد وضع الصنيعة في موضعها فبين للناس موقعه أن الغيوث جهال لا تشعر بما تفعل. وإنما ضرب الغيوث مثلًا للملوك؛ أي هذا الرجل علم أني مستحق للعطية فوضعها عندي وجهل ذلك سواه.

وقوله:

لا يدرك المجد إلا سيد فطن ... لما يشق على السادات فعال

يقول: هذا الممدوح له فطنة في الكرم ليست لسواه؛ وكل ذلك تعريض بمن يمكنه أن يعطيه شيئًا وهو لا يفعل. يقال: فطنة وفطنة, والمثل السائر: «البطنة تذهب الفطنة».

وقوله:

لا وارث جهلت يمناه ما وهبت ... ولا كسوب بغير السيف سئال

يقول: لا يدرك المجد إلا سيد يشق على الناس أن يفعلوا فعله؛ لا وارث ورث ماله فهو لم يتعب في جمعه, ولا صاحب مالٍ كسبه بغير السيف.

<<  <   >  >>