وإنما وجه الكلام أن يقول: أنت الذي طلق عام جاع. وقال مهلهل:[الكامل]
وأنا الذي قتلت بكرًا بالقنا ... وتركت تغلب غير ذات سنام
وإنما وجه الكلام: وأنا الذي قتل بكرًا وترك تغلب. وقوله للممدوح: أنا الذي ينظر إلى أدبى الأعمى أفلا تنظر إليه وأنت في حكم البصير؟ وأسمعت كلماتي الأصم وأنت سميع أفلا تفهم ما أقول.
وقوله:
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهر الخلق جراها ويختصم
نصب ملء جفوني على تقدير قوله: أنام نومًا ملء جفوني موضوع موضع المصدر؛ وهذا كقولهم: قعد القرفصاء؛ أي قعد القعدة التي هي كذلك. والهاء في شواردها عائدة إلى كلماته. ويحتمل أن يكون أراد بالكلمات جمع كلمةٍ التي هي لفظة واحدة, وهذا أشد في المبالغة من سواه. ويجوز أن يعني بالكلمات القصائد؛ لأنهم يسمون القصيدة كلمة. والقصائد توصف بالشرود؛ أي تسير في الأرض كسير النعام الشارد وغيره. قال القطامي:[البسيط]
مالي أرى الناس مزورًا فحولهم ... عني إذا سمعوا صوتي وإنشادي
إلا أخي بني الجوال يوعدني ... ماذا يقول ابن جوالٍ بإيعادي