يقول: الليالي إذا أخذن شيئًا أفاتته ولم يرجع إلى صاحبه لا هو ولا عوض منه. وهي إذا أخذت شيئًا منك غرمته. وبعض الناس يروي: أخذته, وهو أشد مبالغة من الرواية الأولى؛ لأنه جعل الممدوح إذا أخذ منها شيئًا لم تقدر على استرجاعه منه, وإذا أخذت منه شيئًا غرمته.
وقوله:
إذا كان ما تنويه فعلًا مضارعًا ... مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم
الجوازم: الحروف التي تجزم. وأصل الجزم: القطع. وسمى النحويون هذا الفن جزمًا لأنه يقطع الإعراب من الاسم, ومنه قولهم: حلف على يمينٍ جزمٍ؛ أي قطعها. وقول صخر الغي الهذلي:[المتقارب]
فلما جزمت به قربةً ... تيممت أطرقةً أو خليفا
أراد أنه جزمها فقطعها عن الحركة. ويقال: جزم فلان عن الأمر إذا هم به ثم رجع عنه, فكأنه قطع نفسه عما أراد. قال الشاعر:[الوافر]
ولكني مضيت ولم أجزم ... وكان الصبر عادة أولينا
ومعنى البيت أن الممدوح إذا كان ما ينويه فعلًا مضارعًا, وهو يصلح لأمرين: للحال والاستقبال, أمضاه هذا المذكور من قبل أن تقع عليه الجوازم؛ كأنه إذا جرى في نفسه أن يقتل عدوًا قتله قبل أن يقول قائل: لم يقلته؟ !