للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

أتوك يجرون الحديد كأنهم ... أتوا بجيادٍ ما لهن قوائم

أراد أنهم احترزوا لنفوسهم وخيلهم فلبسوا الحديد, وطرحوا التجافيف على الخيل حتى ما تبين قوائمها؛ لأنها مستورة؛ فكأنها لا قوائم لها. ولما كانت القائم هاهنا يراد بها قوائم الدواب, والقوائم في أول القصيدة يراد بها قوائم السيوف, لم يكن ذلك من الإيطاء. ومع هذا ففي القوائم الأولى ألف ولام, والآخرة ليس فيها علامة التعريف. واختلف أهل العلم في قولهم: الرجل ورجل في قصيدة واحدةٍ؛ فجعله بعضهم إيطاءً, ولم يره بعضهم عيبًا؛ ومن ذلك قول الراجز: [الرجز]

يارب سلم سدوهن الليله ... وليلةً أخرى وكل ليله

وقوله:

إذا برقوا لم تعرف البيض منهم ... ثيابهم من مثلها والعمائم

يقول: إذا برقوا بالسيوف لم تميز بينها وبين غيرها من شخوصهم؛ لأنها مواراة بالحديد؛ فثيابهم وعمائمهم من جنس سيوفهم, وهذا يشبه قول البحتري في صفة فرسٍ أشهب: [الكامل]

تخفى الحجول إذا بلغن لبانه ... في أبيضٍ متألقٍ كالدملج

وقوله:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم

يقول: هذا الجيش بشرق الأرض والغرب زحفه؛ أي قد سمع به في الشرق والغرب, وتحدث به أصناف الأمم, وفي أذن الجوزاء من لجبه (١٩١/أ) وأصواته زمازمن - جمع زمزمة - وهو صوت ليس برفيع ولا مفهوم عند السامع. يقول: فالجوزاء قد شعرت بهذا الجيش وبلغتها منه زمازم.

<<  <   >  >>