للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

قوم بلوغ الغلام عندهم ... طعن نحور الكماة لا الحلم

يقول: هؤلاء القوم إذا طعن الغلام منهم نحور الكماة فقد بلغ مبالغ الرجال, وليس البلوغ عندهم إدراك الحلم؛ وإنما هو الطعن.

وقوله:

كأنما يولد الندى معهم ... لا صغر عاذر ولا هرم

يقول: كأن الندى توأم لكل مولود من هؤلاء القوم, فهم أجواد في أوائل الأعمار وأواخرها, لا يعذرهم الصغر في ترك الجود, وكذلك لا يمنعهم الهرم من الإعطاء, وكأن هذا مأخوذ من قول الآخر: [الطويل]

فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مذهب

فقوله: أخو الندى مثل قول الشاعر:

كأنما يولد الندى معهم

إلا أن أبا الطيب جاء بعبارةٍ مستحسنة لم يهتد إليها سواه.

وقوله:

إذا تولوا عداوةً كشفوا ... وإن تولوا صنيعةً كتموا

يقول: إذا عادوا فإنهم يجاهرون الأعداء ولا يطلبون منهم غرة في حال الغفلة, فإذا اصطنعوا صنيعةً, لم يفتخروا بها ويظهروها, وقد جاء الأمر بكتمام الصدقة في الكتاب الأشرف في قوله تعالى: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} , ومن الكلام القديم: «المنة تذهب الصنيعة» أي: إن الإنسان إذا فعل مكرمةً ثم امتن بها فقد أذهبها, ولكن من شأن العرب في القديم أن تفتخر بإكرام الضيف وسقي اللبن, وذلك معروف في أشعارهم ولم يكونوا يرون ذلك عيبًا, وقد عابته الأعاجم عليهم. ومما جاء فيه التعريض بذم

<<  <   >  >>