من يفتخر بإكرام الضيف قول أمية بن أبي الصلت, ويقال: إن الشعر لأبي الصلت والد أمية يمدح سيف بن ذي يزن لما أخرج الحبشة من اليمن: [الطويل]
اشرب هنيئًا عليك التاج مرتفقًا ... في رأس غمدان دارًامنك محلالا
والتط بالمسك إذ شالت نعامتهم ... وأسبل الآن من برديك إسبالا
تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ ... شيبا بماءٍ فعادا بعد أبوالا
هذا تعريض بذم من يفتخر بسقي اللبن وإكرام الضيف؛ لأن اللبن يصير بولًا والطعام يصير إلى ما يكنى عنه. وأنشد أبوزياد الكلابي (٢٠١/أ) بيتًا ذكر أنه لجدته وهو: [الطويل]
ألم تعلمي أن الطعام مصيره ... ليرخموه بغثاء خلف الأصارم
يرخمومة: أي: رخمة. وبغثاء أي يضرب لونها إلى الغبرة, والأصارم: جمع أصرامٍ, والأصرام: جمع صرمٍ وهو أبيات من بيوت الأعراب ليست بالكثيرة.
وقوله:
تظن من فقدك اعتدادهم ... أنهم أنعموا وما علموا
يقول: هؤلاء القوم لا يعتدون بجميل فعلوه, حتى يظن من أسدوا إليه معروفًا أنهم لم يعلموا به. وهذا من أحسن ما قيل في كتمان المعروف.