شبه البحيرة بالقمر لبياض الماء. والجنان: جمع جنةٍ وهي الأرض التي قد سترها الشجر والنبت, وشبهها بالظلم لشدة خضرتها. والأخضر إذا اشتدت خضرته وصف بالسواد, ومن ذلك الآية, وهي قوله تعالى: {مدهامتان} في صفة جنتين وهما مفعالتان من الدهمة. وأكثر ما تستعمل الدهمة في الخيل, وقد وصف الليل بالأدهم, وربما وصفت الناقة بالدهماء. وقالوا: دخل فلان في دهماء الناس؛ أي في سوادهم. ويقال: إن سواد العراق قيل له ذلك لشدة خضرته, قال الراجز, وهو القطامي: [الرجز]
ياناق سيري عنقًا زورا ... وقلبي منسمك المغبرا
(٢٠١/ب) وبادري الليل إذا ما اخضرا
وقوله:
ناعمة الجسم لا عظام لها ... لها بنات وما لها رحم
يصف البحيرة ويلغز بها. وزعم أنها ناعمة الجسم لأنه شبه الماء به. ولما جعل لها جسمًا زعم أنها لا عظام لها يلغز بذلك؛ لأن الجسم لابد له من العظام. وذكر أن لها بناتٍ؛ يعني السمك؛ ونفى أن يكون لها رحم.
وقوله:
يبقر عنهن بطنها أبدًا ... ولا تشكى ولا يسيل دم
هذا اللفظ كله إلغاز عن البحيرة؛ لأنه جعل لها جسمًا بلا عظام, وبنات من غير رحم, وجعل بطنها يبقر عنهن لأن الصادة يأخذنها من الماء, وهي مع ذلك لا تشكى لا يسيل دمها, ومن شأن التي يبقر بطنها أن يسيل دمها. قال الشاعر: [الطويل]
بقرنا النساء التغلبيات عنوةً ... وما بقروةا منا بطون نساء
تركنا دماءً فوقهن جوازيًا ... فأف لها من نسوةٍ ودماء
وقوله:
فهي كماويةٍ مطوقةٍ ... جرد عنها غشاؤها الأدم