يقول: الدنيا لا عقل لها وكذلك أهلها, وشبه الشيء ينجذب إليه؛ فأبناؤها يشابهونها فيما يفعلون من الكذب وقلة الإنصاف. والطغام: جمع طغامةٍ, وهو الجاهل الذي لا يعرف شيئًا. وفي حكاية ذكرها ابن السكيت معناها أن رجلًا ممن كان يتردد إلى أبي مهدية الأعرابي سافر, فلما قدم قال له أبو مهدية: كيف مال الناس, أو نحو ذلك, فقال الرجل: وما المال, فقال له أبو مهدية: يا طغامة لقد أحفيتني بالمسألة وأنت لا تدري ما المال. فلزمت الطغامة ذلك الرجل, وقال فيه بعض النحويين:[الكامل]
من كان يعجبه الطغامة كلها ... فعليه ميمونًا أبا الضحاك
(٢٠٤/ب) رجلًا تجمعت الطغامة كلها ... فيه وحالفها براك براك
ولم يصرفوا من الطغام فعلًا.
وقوله:
ولو لم يعل إلا ذو محل ... تعالى الجيش وانحط القتام
يقول: الدنيا ترفع قومًا لا يستحقون أن يرتفعوا وتحط من يجب أن يكون مرفوعًا, ولو لم يعل إلا من له مقدار في نفسه لكان الجيش أولى بالعلو من القتام الذي ترفعه حوافر الخيل.
وقوله:
ولو لم يرع إلا مستحق ... لرتبته أسامهم المسام
يقول: لو لم يل أمور الناس إلا مستحق لذلك لوجب أن يكون بعض الرعاة مرعيًا. وإنما هذا المثل لبني آدم. يريد: أن الرجل منهم يلي الجماعة الكثيرة فيهم من هو أحق منه بالولاية, وجعل المسيم مثلًا لمن له رعية من الناس, وجعل رعاياه كأنها مسام. يقال: سام المال في الأرض إذا ذهب فيها, وأسامة غيره إذا خلاه وإياها.