عليه, ومنه قولهم: فلان يكب الإبل, أي يضرب عراقيبها فيكبها على وجوهها. قال الشاعر: [الطويل]
ولا عيب فينا غير أن حدايدًا ... نكب بها صهب العشار البهازر
أي الضخام من النوق. وقوله: اللذي حذف النون من اللذين, وقد مر ذكر ذلك.
وقوله:
تغرب لا مستعظمًا غير نفسه ... ولا قابلًا إلا لخالقه حكما
ولا سالكًا إلا فؤاد عجاجةٍ ... ولا واجدًا إلا لمكرمةٍ طعما
زعم أنه تغرب لا يستعظم شيئًا غير نفسه, ونصب مستعظمًا على الحال. وذكر أنه لا يقبل حكمًا إلا للخالق تعالت كلمته, واستعار للعجاجة فؤادًا كما يستعير الشعراء بعض الأشياء لبعض. وادعى أنه لا يستعذب شيئًا ولا يجد له طعمًا إلا أن يكون مكرمةً.
وقوله:
يقولون لي: ما أنت؟ في كل بلدةٍ ... وما تبتغي؟ ما أبتغي جل أن يسمى
«ما» تقع على الصفات للآدميين كأنهم إذا قالوا له: ما أنت, فالمراد أي شيء أنت؟ فيقول: كريم, أو كاتب, أو شاعر, أو نحو ذلك. وما تبتغي؟ أي أي شرفٍ تروم؟ ثم ابتدأ الكلام فقال: الذي أبتغي جل أن يسمى, أي عظم أن يذكر.
وقوله:
كأن بنيهم عالمون بأنني ... جلوب إليهم معادنه اليتما
الهاء والميم من بينهم راجعة إلى الذين يقولون له: ما أنت في كل بلدة؛ يزعم أنهم يبغضونه كأن بنيهم قد علموا أنه سيوتمهم بقتل آبائهم.
وقوله:
وما الجمع بين الماء والنار في يدي ... بأصعب من أن أجمع الجد والفهما
يقول: لا أستطيع أن أجمع بين الفهم والثروة التي يؤديني إليها الجد؛ أي الحظ, إذ كان أهل الفضل قد يكونون فقراء, وقلما رئي ملك عالم أو عالم ملك. وقد ضرب البحتري المثل