للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيك؛ يعني الداهية, أو ضربةً, أو طعنةً, استعار لها فماً. وهواس: يعني أسدًا يطلب شيئًا بالليل, وتحسب أي تظنن من حسبت الشيء. والبيت الذي بعد هذا لم يقل في معناه مثله لأنه جعل الريق فيه ماء حياةٍ لو أصاب الترب لأحيا من سلف من الأمم, وهذا قول يجب أن يستغفر الله سبحانه عند استماعه فكيف باختلاقه وتقوله.

وقوله:

ترنو إلى بعين الظبي مجهشةً ... وتمسح الطل فوق الورد بالعنم

يقال: أجهش إذا تهيأ للبكاء, أو ظهر فيه فزع من شيء. قال لبيد: [البسيط]

جاءت تشكى إلي النفس مجهشةً ... وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا

وشبه الشاعر الدمع بالطل, والخد بالورد, والبنان مخضوبًا بالعنم.

قال بعض العلماء: العنم قضبان حمر تنبت في جوف السمرة, وقد رأيتها بمكة.

وقال قوم: العنم دود أحمر يكون في الرمل, ويجوز أن يكون شبه بالعنم الذي هو نبت؛ وقد زعم قوم أن العنم هو الخروب. قال الراجز: [الرجز]

لقد أرتك اليد أم علقمه ... كأنما الإصبع منها عنمه

ومما يدل على أن العنم نبت قول النابغة: [الكامل]

بمخضبٍ عبلٍ كأن بنانه ... عنم على أغصانه لم يعقد

ويروى: يكاد من اللطافة يعقد.

وقوله:

أبديت مثل الذي أبديت من جزعٍ ... ولم تجني الذي أجننت من ألم

إذًا لبزك ثوب الحسن أصغره ... وصرت مثلي في ثوبين من سقم

<<  <   >  >>