وصفها بصحة الوفاء في أول الأبيات, ثم نقض ذلك بقوله: إنما أبدت مثل ما أبداه من الجزع ولم تخف كما أخفاه من الألم, ولو أن وفاءها غير المنصدع لأجنت الألم كما أجنه. ثم قال: لو أنك أجننت كما أجن لبزك ثوب الحسن أصغر ذلك وصرت مثلي في ثوبين من سقمٍ. وإنما ذكر الثوب لإقامة الوزن.
وقوله:
ولا أظن بنات الدهر تتركني ... حتى تسد عليها طرقها هممي
بنات الدهر: شدائده, ويسستعملون البنوة والأخوة لمن فعل شيئًا أو عرف به؛ فيقولون: هو ابن سفرٍ إذا كان معتادًا للأسفار, وهو أخو معروف إذا كان يسديه إلى الناس, وكذلك يقولون: هو أبو الأضياف إذا كان يقريهم؛ فداعى الشاعر لنفسه ما لا يقدر عليه إنسي لأنه تسد هممه طرق الحدثان.
وقوله:
أرى أناسًا ومحصولي على غنمٍ ... وذكر جدٍ ومحصولي علم الكلم
المحصول ها هنا: المصدر الذي نقل من اسم المفعول, كما قالوا: ليس له معقول: أي عقل, وليس له مجلود: أي جلد. والمحصول - ها هنا - ما حصل له. يقول: أرى أناسًا وإذا ميزت أمورهم فإنما هم مثل الغنم, وأسمع ذكر جودٍ وإنما أحصل على الكلم دون الفعل.
وقوله:
ورب مالٍ فقيرًا من مروته ... لم يثر منها كما أثرى من العدم
يقول: أرى أناسًا وأرى رب مالٍ أي صاحبه. والهاء في مروته عائدة على رب مالٍ فقيرٍ, وأرى- ها هنا - يجوز أن يكون من رؤية العين ورؤية القلب. يقول: إذا كان رب المال لا مروة له, فقد أثرى من العدم. والإثراء: كثرة المال, وهو نحو من قوله: [المنسرح]
يجني الغنى للئام لو عقلوا ... ما ليس يجني عليهم العدم
وقوله:
سيصحب النصل مني مثل مضربه ... وينجلي خبري عن صمة الصمم
يعني بالنصل: السيف, أي إني مثل مضربه أي حده. ويستعملون في السيف. النصل,