وقوله:
يضيق الجلد عن نفسي وعنها ... فتوسعه بأنواع السقام
يروى: نفسي بسكون الفاء, أي إنها زاحمتني في جسمي فضاق أن يسعها ويسع نفسي, فأوسعته بأنواع السقام؛ يعني أنها أقلت لحمه؛ فوسعت جلده. وإن رويت: نفسي بفتح الفاء فالمعنى صحيح؛ لأن نفس المحموم يكثر ويتصل, فكأن الجسد قد ضاق عنه.
وقوله:
إذا ما فارقتني غسلتني ... كأنا عاكفان على حرام
يقول: إذا فارقتني عرقت, وجعل العرق كغسلٍ تفعله حماه. ثم قال: كأنا عاكفان على حرامٍ. العكوف: اللزوم للشيء, والغسل قد يكون من الحلال والحرام, وخص الحرام ها هنا لأن جعلها زائرة وليست بالزوجة ولا الجارية له, وإنما هي غريبة زارته.
وقوله:
كأن الصبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعةٍ سجام
يقول: تجيء هذه الزائرة فتقيم عندي الليل, فإذا الصبح أسفر خلت أنه طردها فتجري مدامعها. وقد جرت عادة الشعراء بذم الصبح لأنه يؤذن بفراق المحبوب, وقد حمد أبو الطيب الظلام فدل حمده إياه على ذم الصبح, قال: [الطويل]
وكم لظلام الليل عندك من يدٍ ... تخبر أن المانوية تكذب
وقال ردى الأعداء تسري عليهم ... وزارك فيه ذو الدلال المحجب
وقال الوليد بن عبيد: [الطويل]
فلولا بياض الصبح طال تشبثي ... بعطفي غزالٍ بت ليلي أغازله
وكم من يد لليل عندي برة ... وللصبح من خطب تخاف غوائله
وقوله:
أراقب وقتها من غير شوقٍ ... مراقبة المشوق المستهام