كأنهم يردن الموت من ظمأٍ ... أو ينشقون من الخطي ريحانا
يقول: هؤلاء القوم كأنهم ظماء إلى الموت, فكأنه ماء, وينشقون الخطي كأنه ريحان. وكل نبتٍ طابت رائحته يقع عليه هذا الاسم؛ فيقال لورق الزرع الأخضر: ريحان لخضرته, وقد سموا رزق الله سبحانه ريحاناً, وكذلك فسروا قول النمر: [المتقارب]
سلام الإله وريحانه ... ورحمته وغيوث درر
وقد سمى بعض العرب الكمأة ريحاناً, قال الراجز: [الرجز]
يغنيك عن سوداء واعتجانها ... وكرك الطرف إلى تبانها
سوداء لو يوضع في ميزانها ... رطل حديدٍ مال من رجحانها
تلك من الدنيا ومن ريحانها
وقوله:
خلائق لو حواها الزنج لانقلبوا ... ظمي الشفاه جعاد الشعر غرانا
يقول: هؤلاء القوم لهم خلائق بيض لو حواها الزنج لتغيرت حالهم فصاروا ظمي الشفاه جمع: أظمى وظمياء, والظما في الشفة قلة لحمها, ويجوز أن يكون مع ذلك سمرة تستحسن؛ لأنهم يقولون للرمح: أسمر وأظمى إذا وصفوه بالسمرة وغلظ الشفة وكثرة لحمها. والزنج توصف بعظم الشفاه حتى تشبه شفاهم بمشافر الإبل. قال الفرزدق: [الطويل]
فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي ... ولكن زنجياً غليظ المشافر
وقال أعرابي يخاطب أمةً له: [الرجز]
قد كنت حذرتك لقط العصفر ... بالليل حتى تصبحي وتبصري