وإن كانت الجعودة من صفات الزنج فإن الشاعر أراد أنهم يجمعون بين الصفتين؛ فتكون فيهم الصفة الزنجية والصفة التي للعرب البيض الوجوه. والغران: جمع أغر, وإنما يريد أنهم بيض الوجوه وجميع الأجساد. قال امرؤ القيس:[الطويل]
ثياب بني عوفٍ طهارى نقية ... وأوجههم بيض المسافر غران
وقوله:
وأنفس يلمعيات تحبهم ... لها اضطراراً ولو أقصوك شنآنا
وصف الأنفس باليلمعيات, يقال: رجل يلمعي وألمعي إذا كان يظن الشيء فيصح ظنه, وقد مضى فيما تقدم. يقول: لهم أنفس نفيسة وأخلاق تلزمك أن تحبهم, ولو أقصوك لبغضهم إياك. (٢٢٦/ب) ونصب شنآناً لأنه مفعول له ومن أجله, ويجوز أن يقال: هو منصوب على المصدر؛ لأن أقصوك يؤدي معنى شنؤك, ولا يمتنع أن يقال: هو نصب على التمييز. والشنئان ها هنا مصدر شنآن, وفعلان في المصادر قليل, وإنما حكوا فيه: لويت لياناً في معنى مطلت. قال ذو الرمة:[الطويل]
تطيلين لياناً وأنت ملية ... وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا
وذهب بعض الناس إلى أن أصله كسر اللام ففتح أوله لأجل الياء, والآية تقرأ على وجهين:{ولا يجرمنكم شنئآن قوم} و {شنئان قوم} , فالذين ينكرون فعلان في المصادر يقولون: شنآن في الآية وصف لرجل كأنه أراد رجل مبغض من قومٍ. ومما يدل على أن شنئان مصدر قولهم: الشنان في معنى الشنآن: ألقوا حركة الهمزة على النون وحذفوها,